“الهدهد 2”.. ماذا يعني أن تكون “عيون إسرائيل” تحت أنظار حزب الله؟

بيروت- نشر الإعلام الحربي التابع لحزب الله مشاهد جديدة حملت عنوان “الهدهد 2” وامتدت لـ10 دقائق، وتضمنت استطلاعا جويا لقواعد استخباراتية ومقرات قيادية إسرائيلية ومعسكرات في منطقة الجولان المحتلة استكمالا لما نشره الحزب في 18 يوليو/حزيران 2024 تحت عنوان “هذا ما رجع به الهدهد” في مقطع امتد لمدة 9 دقائق ونصف.

يُظهر “الهدهد 2” مشاهد واضحة لقواعد الإنذار المبكر الإسرائيلية أو ما تعرف بـ”عيون الدولة”، وتتضمن 6 محطات إستراتيجية للاستطلاع الإلكتروني ونقاطا مستحدثة للقوات الإسرائيلية خلال معركة طوفان الأقصى ومنصات القبة الحديدية الإسرائيلية ومرابض ثابتة لبطاريات المدفعية ورادارات رصد مدفعي وأخرى جوية ثلاثية الأبعاد للإدارة الجوية.

والمقطع الذي خُتم بآية قرآنية “والطير صافات” ومرفقا بكلمة “يتبع” جاء تزامنا مع المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة حماس من أجل وقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى وما يرتبط أيضا بجبهة الجنوب اللبناني، خصوصا بعد تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بقوله “إن وقف الحرب في غزة لا يعني بالضرورة وقف الحرب في لبنان”.

واعتبر خبراء إسرائيليون أن هذه المشاهد تمثل نوعا آخر من المعركة يظهر مدى القدرات التي يتمتع بها حزب الله، وعلقت وسائل إعلام إسرائيلية بأن المقطع يمثل “توثيقا جديدا من حزب الله لعيون إسرائيل”، وأنه إلى جانب الحرب التي تدار في الشمال فإن حزب الله يدير أيضا حربا نفسية، وقالت القناة الـ12 “ما يعرضه حزب الله مربك جدا لسكان الشمال”.

رسالة ردع وتفوق

وفي تحليله للمقطع المنشور، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة أنه تضمّن بنك أهداف جديدا ضمن سلسلة “حلقات الهدهد” التي عرضتها المقاومة “وهي رسالة ردعية لإسرائيل لتكون حذرة قبل الإقدام على أي عدوان تجاه لبنان”، وفق تعبيره.

كما اعتبر أن أهمية الفيديو اليوم تكمن في العناوين التي وضعتها المقاومة على المشاهد، حيث كُتب “مسح أول” و”مسح ثانٍ” و”مسح ثالث”، مما يعني أنها قامت بعمليات مسح لهذا الهدف 3 مرات، ويكمن الخطر في قدرة المقاومة على اختراق الأمن الإسرائيلي والوصول إلى مناطق إستراتيجية ومهمة.

و”تتفوق مقاومة حزب الله في لبنان بالاستخبارات والتجسس على إسرائيل”، حسب تحليل شحادة، حيث تمكنت من اختراق مناطق يُفترض أنها محمية أمنيا، ولا يمكن اختراقها بواسطة طائرات تجسسية كما فعلت المقاومة.

ويشير العميد شحادة إلى أن بنك أهداف حزب الله يوضح أنه في حال اندلاع حرب من قبل إسرائيل “ستكون الضربات قاسمة” بسبب استخدام صواريخ مختلفة، ويقول “حتى الآن استخدمت المقاومة صواريخ الفلق وبركان وكاتيوشا والماس، ولكن عندما تندلع الحرب ستبدأ المقاومة باستخدام أسلحة بعيدة المدى ودقيقة ومدمرة”.

ويوضح أن إسرائيل بالمقابل تمتلك تقنيات عالية في وسائل التجسس والتنصت، حيث قامت بتتبع كوادر وقادة في المقاومة واستهدفتهم ونجحت في اغتيالهم “ومع ذلك لا يمكن مقارنة قدرة إسرائيل بقدرة المقاومة التي تمثلها هذه الفيديوهات من حيث مستوى التجسس”.

وأكد الخبير أن المقاومة تقوم بالتجسس على أهداف إستراتيجية خطيرة، وليس على أفراد أو قادة في الجيش الإسرائيلي، وأوضح قائلا “نتحدث هنا عن تفوق تجسسي للمقاومة على العدو”.

“لا تخطئوا الحسابات”

من جانبه، يعتبر المحلل السياسي حسن الدر أن الحلقة الثانية من الهدهد أكثر خطورة وتعقيدا وصعوبة من الحلقة الأولى التي كانت فوق مدينة حيفا.

وأوضح الدر للجزيرة نت أن الحلقة الثانية كانت فوق الجولان السوري المحتل، وأن طائرة الهدهد حلقت فوق قواعد عسكرية إستراتيجية من المفترض أن تؤمّن الحماية، ومن الأسهل على من يمتلك القدرة على التصوير بهذا الارتفاع أن يستهدف هذه القواعد.

ومن حيث التوقيت، قال إنه لا يمكن فصل نشر فيديو الهدهد عن مسار التفاوض وما يحدث في غزة، حيث قام الجيش الإسرائيلي بتصعيد يوم أمس، وهذا يعد جزءا من سياسة النار والرسائل التي يمارسها الاحتلال على الفلسطينيين لكسب المزيد من التنازلات.

أما من حيث السياق فاعتبر الدر أن الحلقة الثانية جاءت ردا على تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي كان في جبل حرمون بالجانب السوري المحتل، وحدد لبنان وحزب الله قائلا إن “وقف الحرب في غزة لا يعني بالضرورة وقف الحرب في لبنان”.

ويرى المحلل السياسي أن حزب الله يهدف إلى إظهار عناصر القوة وخلق رأي عام إسرائيلي، فمقاطع الفيديو والصور تنتشر في المجتمع الإسرائيلي الذي يدعم فكرة الحرب على لبنان ويراهن على جيشه رغم تصريحات قيادة الجيش التي تشير إلى أنه بحاجة إلى إصلاح وتجديد قبل أن يكون قادرا على شن حرب رغم فرق القدرات بين غزة ولبنان.

وفي هذا السياق، يؤكد الدر أن حزب الله يدخل الهدهد ضمن منظومة الردع، حيث يرغب في تجنب الحرب الواسعة ويسعى إلى توجيه رسالة لإسرائيل مفادها “لا تخطئوا الحسابات، لدينا الكثير من المفاجآت والإمكانيات”.

الجبهة الشرقية

من جهته، يرى الباحث السياسي هادي قبيسي اختلافا بين الفيديو الأول والثاني من حيث المكان، معتبرا أن هذه نقطة أساسية، فمنطقة الجولان تشكل منصة استخباراتية تضم العديد من القواعد وتتمتع بعمق جغرافي لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتعتبر نقطة انطلاق تهديد مباشر للجبهة الشرقية.

ويوضح أن منطقة الجولان تمثل للمقاومة مساحة لهامش التحرك قبل الوصول إلى استهداف المدن الرئيسية، وتستخدم هذه المساحة لزيادة الضغط على الاحتلال لوقف الحرب في غزة ومنع التصعيد في لبنان، وأيضا لتثبيت معادلة قصف البقاع مقابل قصف الجولان.

ويعتبر الباحث السياسي أن الرسالة الأساسية هي التحضير النفسي والإعلامي والاستخباري أيضا لهذه المنطقة، وتهيئة الجمهور ككل والرأي العام لمرحلة جديدة من الاستهداف للجولان والتركيز عليها.

أما الرسالة الثانية -وفقا للباحث السياسي- فهي عدد القواعد ودقة المعلومات، فهناك مستوى من المعلومات يختلف عن السابق ويتضمن تفاصيل جزئية إضافية عن القواعد العسكرية والنقاط الحساسة والمهمة.

واعتبر قبيسي أن توقيت النشر يتزامن مع زيادة العمليات واستهداف كوادر ومقاتلين في البقاع، وفي السياق العام ضمن المسار التصعيدي التدريجي الجاري بوتيرة منضبطة نسبيا بين الطرفين على الجبهة اللبنانية.

ويضيف أنه مع اقتراب توقف أو تراجع العمليات في غزة كما هو متوقع ودخول جيش الاحتلال في المرحلة الثالثة هناك وبالتالي تصريحات الإسرائيليين المتزايدة عن زيادة التركيز على الجبهة الشمالية فإنه يتزامن أيضا مع تركيز إعلامي وعملياتي نحو الأهداف الإستراتيجية في الجولان والشمال الفلسطيني المحتل.

المصدر : الجزيرة نت

Exit mobile version