معركة السماء.. ماذا تملك موسكو لمواجهة أوكرانيا المسلحة بـF-16؟

مع وصول مقاتلات F-16 أميركية الصنع إلى أوكرانيا، أصبحت المواجهة “حتمية” بين سلاح الجو الروسي ونظيره الأوكراني، وسط تساؤلات بشأن كيفية مواجهة موسكو لهذه الميزة التي اكتسبتها كييف.

تُمثل F-16 أحدث وأقوى مقاتلات سلاح الجو الأوكراني الذي تعرض لضربات كاسحة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أكثر من عامين، لكن رغم الحديث عن التدريب المكثف الذي تلقاه الطيارون الأوكرانيون، ومع الأعداد المتوقعة لهذه الطائرات الحربية الأميركية، قد تجد موسكو نفسها للمرة الأولى أمام خصم لا يُستهان به في سماء المعركة، التي امتدت نيرانها إلى الداخل الروسي.

وتُعتبر المقاتلات الأوكرانية الجديدة من الجيل الرابع، خفيفة الوزن، ما يمنحها القدرة على إزعاج المنظومة الجوية لروسيا التي هيمنت على معركة السماء لأكثر من عامين، إذ تتميز بمرونة فائقة في القتال “جو – جو” أو ما يعرف بـDog fight، خاصة إذ تم تزويدها بصواريخ AMRAM 120، وهي واحدة من أقوى صواريخ هذا النوع من القتال، وتستخدمها غالبية نسخ F-16.

ويبلغ وزن صاروخ AIM 120 AMRAAM أميركي الصنع 152 كيلوجرام، ويحمل رأس حربي يزن 23 كيلو جراماً، فيما يمتد مداه إلى 48 كيلومتراً، ويتحرك بسرعات فائقة تصل إلى 4 أضعاف سرعة الصوت (4 ماخ).

أما الطائرة نفسها وحيدة المحرك، فهي تتمتع بقدرات قنص قوية، كما يتم استخدامها جزئياً ضد الأهداف البرية والأصول البحرية أيضاً، إذ تتمكن عبر مناوراتها وزوايا الطيران الصعب التي تتبعها، من تفادي المضادات الجوية بشكل ناجح.

من يحكم سماء المعركة؟

رغم أن أوكرانيا امتلكت من قبل طائرات “ميج” من طرازات مختلفة منها طائرات MIG-29، وبعض هذه المقاتلات حدثتها روسيا لصالح بولندا قبل انضمام وارسو لحلف “الناتو” في عام 2003، إلا أنها لم تستطع أن تفرض سيطرة جوية كاملة، رغم أنها أرهقت في البداية القوات الجوية الروسية، قبل تحييد معظم قدراتها الجوية الأوكرانية.

وبحسب تقرير Globalfirepower كانت أوكرانيا تمتلك 65 طائرة مقاتلة قبل حرب 2022، جميعها طائرات روسية الصنع، ورثتها من الأسطول السوفياتي المتقادم، أو اشترتها من روسيا. بالمقابل كانت روسيا تملك 773 مقاتلة.

واعتبر تقرير لموقع Warriormaven الأميركي المتخصص في شؤون الدفاع، أن تأخر موسكو في تحقيق “السيادة الجوية الكاملة”، يرجع غالباً إلى “المهارات التكتيكية لسلاح الجو الأوكراني”.

وأشار الموقع إلى المساعدات الغربية الكثيفة خاصة في مجال الدفاع الجوي، والتي حصلت عليها كييف لشن هجوم مضاد العام الماضي ،ولكنه لم يحرز نتائج ميدانية ملموسة. 

وحذّر الموقع الأميركي في تقريره، من امتلاك روسيا “المئات من مقاتلات الجيل الرابع التي جرى تحديثها”.

وبحسب ورقة بحثية حديثة نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، فإن دخول المقاتلات الجديدة في ساحة المعركة “سيُشكل نقطة تحول وفرصة كبيرة لكييف لم تحصل عليها منذ بدء الحرب”.

وأشارت الورقة إلى أن هدف تحقيق السيطرة الجوية يُمثل “أولوية قصوى”، لافتة إلى أن عقيدة القوات الجوية الأميركية تُصنف هذه المسألة إلى 3 فئات، الأولى هي “التكافؤ الجوي”، والثانية “التفوق الجوي”، فيما تتمثّل المرحلة النهائية والحاسمة بالسيادة الجوية.

وذكرت الورقة أن “ما يحدث منذ عامين من القتال هو حرب تكافؤ جوي، إذ لم يحقق أي طرف هيمنة كاملة على الأجواء”.

وأشار المركز إلى نقطة الضعف الرئيسية لدى القوات الجوية الأوكرانية والمتمثلة في “القدرة الهجومية، وهي المسألة التس ستبدأ طائرات F-16 في تحقيقها، وبالتالي تجد القوات البرية نفسها محاصرة في معارك استنزاف وعاجزة عن خلق الظروف لإنجاز مناورة حاسمة، يمكن أن تغير مسار الحرب”.

ورغم قدرات المقاتلات الجديدة، حذّر المركز الأميركي من أن “نظام الدفاع الجوي الروسي القوي، يجعل من ترسيخ التفوق الجوي (الأوكراني) على كامل الأراضي أمراً صعباً، لكن يمكن للقوات الأوكرانية أن تُرسخ تفوقها محلياً على مناطق محدودة ولفترات معينة، وتنسيق هذا التفوق مع الهجمات البرية الأوكرانية لتحقيق اختراق في صفوف القوات الروسية”.

دور “الصقر المقاتل” في أوكرانيا

يُعتبر وجود مقاتلات F-16، مع طيارين مدربين، نقلة نوعية كبيرة لسلاح الجو الأوكراني، الذي تعرض لضربات عنيفة منذ بداية الغزو الروسي عام 2022. فماذا يمكن أن تفعل الطائرات الجديدة في سماء أوكرانيا؟

يعتقد فيديريكو بورساري، وهو زميل في برنامج الدفاع والأمن عبر الأطلسي بمركز تحليل السياسات الأوروبية (CEPA)، أن المهام الرئيسية للمقاتلات الغربية التي وصلت أوكرانيا ستركز على الأرجح على 3 مهام أساسية، موضحاً في حديث لموقع “صوت أميركا“، أن هذه الأهداف سوف تشمل “اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية التي ضربت أوكرانيا بلا هوادة، وأيضاً استهداف أنظمة الدفاع الجوي الروسي، فضلاً عن ضرب مواقع القوات الروسية ومستودعات الذخيرة بصواريخ أرض – جو”.

وأضاف الموقع الأميركي الحكومي أن “الكثير من المعلومات عن الطائرات سرية، بما في ذلك ما ستسمح الحكومات (الغربية) بضربه، وما هي الأسلحة التي سوف ترسلها مع الطائرة”.

وبإمكان المقاتلة الأميركية المعروفة باسم “الصقر المقاتل” أن تحمل صواريخ Storm Shadow (جو – أرض)، وهي نفسها التي تسلمتها أوكرانيا بالفعل، واستُخدمت لاستهداف أصول عسكرية روسية.

كما يمكن لمقاتلات F-16، تحديد الأهداف من مسافة أبعد، متفوقة في هذا المجال على المقاتلات “سوخوي 24″، و”سوخوي 27″، وكذلك على نسخ طائرات “ميج 29”.

“ميج 29”.. الأولى على خط الصدام

تبدو طائرات “ميج 29” الروسية، التي تعرفها دول “الناتو” بمقاتلات MIG -29 Fulcrum، هي الأقرب لخوض “تجربة الصدام الأول” مع طائرات F-16 الأوكرانية، وبحسب تقرير لموقع Airforce-Technology، فإن المقاتلة التي تنتمي أيضاً إلى الجيل الرابع، دخلت الخدمة عام 1983 في نسختها الأولى، فيما طورت روسيا بداية من 2001 نسخاً أخرى منها، مثل MIG -29M OVT، التي تتمتع بقدرات فائقة على المناورة في القتال الجوي، ويجري تصدير هذه الطائرة بمواصفات عديدة لمشترين خارج روسيا تحت اسم MIG 35.

فيما يُرجح التقرير أن تكون روسيا أنتجت أكثر من 1500 طائرة “ميج 29” من مختلف الإصدارات، يعمل منها في روسيا نحو 600 مقاتلة بحدٍ أقصى. وتخدم الطائرة في الجزائر وبيلاروس وبلغاريا وكوبا وبنجلاديش والمجر والهند وإيران وكوريا الشمالية وبيرو، وتمتلك دول مثل بولندا وصربيا والمجر ذات الطائرات منذ 2003.

وبدأت روسيا قبل أكثر من عقدين في تطوير أسطولها من مقاتلات  “ميج 29″، إذ شملت الترقيات زيادة مدى الطائرة، وزيادة الحمولة من الذخائر والأسلحة، وترقية إلكترونيات الطيران، وإضافة نظام بحث وتتبع بالأشعة تحت الحمراء من طراز KOLS، فضلاً عن مسبار للتزود بالوقود جواً، وإضافة رادار متطور من طراز Phazotron Zhuk-ME، الذي يستطيع اكتشاف وتتبع 10 أهداف بمدى أقصى يبلغ 245 كيلومتراً.

ويتم تجهيز المقاتلة الروسية بصاروخين “جو – جو” متوسط المدى من نوع R-27، وهي صواريخ من طرازين هما R27R الذي يضم رأساً يعمل بالتوجيه الراداري شبه النشط، ونظام للتحكم بالملاحة بالقصور الذاتي، والطراز الآخر R27T، وهو رأس توجيه بالأشعة تحت الحمراء، وقادر على اعتراض الأهداف بسرعة تصل إلى 3 آلاف و500 كيلومتر في الساعة، وعلى ارتفاعات تصل إلى 27 كيلومتراً.

كما يمكن تركيب 6 صواريخ “جو – جو” قصيرة المدى من طراز Vympel R-73، وهذا الصاروخ يعمل بتوجيه الأشعة تحت الحمراء، وتصل سرعته إلى 250 كيلو متر في الساعة، وتتمتع الطائرة بنظام رادار معلومات ومراقبة إطلاق النار، وكذلك جهاز تحديد المدى بالليزر مثبت على خوذة الطيار.

Su -35.. “الأفعى الروسية” تتفوق

مع قدراتها المميزة على المناورة، يبدو أن مقاتلات F-16 الأوكرانية قد تواجه “الأفعى الروسية” الشهيرة Su -35، المعروفة بمناوراتها العنيفة وقدراتها الكبيرة على مواجهة الطائرات المقاتلة في القتال الجوي.

ومنذ بدايات الغزو الروسي لأوكرانيا، لعبت مقاتلة الجيل الرابع المعزز “سوخوي 35″، دوراً مؤثراً في استهداف القوات الأوكرانية، على الجبهة. ورغم إعلان الجيش الأوكراني أنه “نحج في إسقاط” بضعة طائرات من “الأفعى الروسية”، إلا أن أسطول موسكو من تلك المقاتلة المميزة، ظل فاعلاً بقوة في ساحة المعركة.

وتعتبر Su -35 واحدة من أفضل المقاتلات الروسية التي دخلت مرحلة الإنتاج الكمي منذ فترة. ومع تآكل المخزون الروسي من الطائرات، وخاصة بسبب التأثر بالعقوبات الغريبة، زادت موسكو من وتيرة تصنيع هذه المقاتلة ذات القدرات المتطورة.

و تستطيع هذه المقاتلة ذات المحركين التحليق بسرعة تصل إلى 2800 كيلومتراً في الساعة على ارتفاع يصل إلى 11 كيلومتراً، كما أنها تمتلك الأفضلية أيضاً في مجال المناورة وخاصة في الزوايا الضيقة، ما يمكنها من الإفلات من غريمتها الأميركية، خاصة إن تم تسليحها بصواريخ جو جو من طراز R77-1، إذ يتحرك الصاروخ لضرب أهداف تطير خارج مدى الروية، بمديات تتراوح ما بين 80 إلى 120 كيلومتراً.

وتستطيع المقاتلة الروسية أيضاً التحليق على ارتفاع يصل إلى 18 كيلو متراً، كما يُمكنها التحليق بمدى يصل إلى 3 آلاف و600 كيلو متر، من دون الحاجة للتزود بالوقود، وتستطيع كذلك التحليق على ارتفاعات منخفضة بسرعة كبيرة تصل إلى 1400 كيلو متراً في الساعة، مع الطيران بالقرب من الأرض لتفادي اكتشافها.

وتتفوق سوخوي الروسية بميزة إضافية تتعلق باحتياجاتها التقنية، فهي لا تحتاج إلى مدرج طويل للتحليق، بل يمكنها أن تطير انطلاقاً من مدرج يبلغ طوله 500 متر فقط.

“غابة الصواريخ المتشابكة”

رغم الضربات المستمرة التي ألحقت أضراراً بوحدات متنوعة من منظومات الدفاع الجوي الروسية، إلا أن غالبية الضربات الناجحة، نتجت عن خلل في حماية الأصول العسكرية الروسية، مثل استهداف منظومات دفاع جوي طويلة المدى، بمسيرات انتحارية من مديات قصيرة، دون وجود غطاء دفاع جوي قصير المدى لحماية المنظومة.

وتمتلك روسيا واحدةً من أعقد منظومات الدفاع الجوي في العالم، إذ استثمرت جيداً في تطوير درعها المضاد للطائرات منذ بداية الألفية، وحظيت أنظمتها بسمعة جيدة في مجال التصدير، خاصة مع مقارنة أسعارها بالمنظومات الأميركية والغربية عموماً، وعدم وجود اشتراطات سياسية كبيرة على استخداماتها.

واستطاعت موسكو بناء “غابة من الدفاعات الجوية”، على المدى الطويل والمتوسط والقصير، لتتكامل مع سلاحها الجوي، خاصة الطائرات الاعتراضية، لتوفر حماية للأراضي الروسية. خاصة حول المناطق الحساسة مثل العاصمة موسكو، ومجمعات صناعة النفط والغاز، ومجمعات الصناعات العسكرية، والأصول المدنية والعسكرية التي تمتد على مساحات شاسعة في الأراضي الروسية.

ومع بداية المعارك في 2022، ظهرت المنظومات الدفاعية الروسية متوسطة المدى من فئة Buk بطرازات مختلفة، إذ بدأت المعارك وسط ظهور هذه المنظومات القديمة التي يعود إنتاجها إلى 1979.

ومع تزايد القدرات الجوية الأوكرانية، خاصة في مجال الطائرات المسيرة، ظهرت طرازات أخرى مثل Buk – M1 وBuk – ME، خاصة في العروض العسكرية المشتركة مع مصر، وكذلك خلال الحرب في سوريا. وصولاً إلى Buke-M3، وهي المنظومة الأحدث وتحتوي على 6 صواريخ للمنصة مقابل 4 للمنصات القديمة، وهي من المنظومات الموجهة بشكل شبه نشط بالرادار، وتستطيع إطلاق صواريخ عامودية، لتدمير أهداف على ارتفاعات تصل إلى 35 كيلومتراً وبارتفاعات تصل إلى 70 كيلو متراً.

ومن المميزات المهمة للإصدار الأحدث من منظومة Buk-M3، امتلاكها صواريخ من طراز 9R31M، وبحسب تقرير لموقع Armyrecognition، فإن هذه المنظومة قادرة على “تدمير أي هدف جوي يطير على ارتفاعات تبدأ من 2500 متراً، وحتى 70 كيلومتراً، وبسرعة تصل إلى 3 آلاف متر في الثانية الواحدة”، وهو ما يجعل منها “جديدة كلياً” وفقاً للمواصفات الجديدة.

ورغم المواصفات القوية التي تتمتع بها المنظومة، قال الجيش الأوكراني في أغسطس الجاري، إنه تمكن من تدمير إحدى منظومات Buk – M3 جنوبي البلاد، ليفتح ثغرة مؤلمة في شبكة الدفاع الروسية، فالمشكلة الأكبر التي تواجه هذه المنظومة هي عدم قدرتها على مواجهة الأهداف المنخفضة والمنخفضة جداً، وهو الجزء الذي يميز تحركات الذخائر الجوالة والطائرات المُسيرة.

في المقابل تملك روسيا عدداً ضخماً من نظام Pantsir للدفاع الجوي المتخصص في مواجهة الطائرات المسيرة والذخائر الجوالة، والعمل على مديات منخفضة وشديدة الانخفاض.

وهو النظام الذي يُسيمه حلف “الناتو” بـSA-22 Greyhound. ويعمل النظام في نسخته الأولى Pantsir-S1 بمدى 20 كيلومتراً، ترتفع إلى 40 مع فئة Pantsir-S1m، وتصل إلى 40 كيلو متر مع نظام Pantsir-SM.

وتمتلك المنظومة راداراً قوياً يسمح لها بتتبع أكثر من 20 هدفاً على مدى يصل إلى 36 كيلومتراً، وذكر تقرير لموقع Missilethreat المتخصص في الأسلحة، أنه رغم كون المنظومة التي دخلت الخدمة منذ 2003، تستطيع أن تعمل كل وحدة منها بشكل مستقل، إلا أنه عادة ما يتم استخدامها في مجموعات تتضمن عربة قيادة وسيطرة مع 6 عربات قاذفة.

وبخلاف Pantsir، هناك منظومة TOR الروسية المعروفة غربياً باسم SA-15 Gauntlet، وتستخدمها كل من الصين وقبرص وبيلاروس واليونان وإيران، فضلاً عن أرمينيا وأذربيجان ومصر. وتعمل هذه المنظومة في مدى يتراوح ما بين 12 إلى 16 كيلومتراً، وظهرت نسختها الأولى عام 1986.

ويُعتبر الاستخدام الأساسي للمنظومة هو حماية الأهداف النقطية، صغيرة الحجم، كما يمكن أن ترافق القوات المدرعة لحمايتها من الهجمات، ويمكنها التحرك بسرعة قصوى تصل إلى 65 كيلومتراً في الساعة، ويمكن للمنظومة مسح المنطقة المحيطة خلال الحركة والوقوف.

وتمتلك روسيا مجموعة متنوعة من طرازات TOR، منها M1 وM2، وكذلك النسخة Tor-E2 من إنتاج مجمع “ألماز آنتي” الروسي في 2019، وهو الطراز الذي اعتبرته روسيا وقتها “جيلاً جديداً” بالكامل من نظام الدفاع الجوي قصير المدى.

منظومة دفاع جوي

ضمن الطيف الواسع من الأسلحة المضادة للطائرات، تمتلك روسياً أيضاً منظومة صواريخ بعيدة المدى، قديمة التصنيع هي منظومة S-200، أنتجها الاتحاد السوفيتي عام 1966، وخضعت لعدة تحديثات لتصبح منظومة دفاع جوي بعيدة المدى منتشرة في الدول الحليفة لموسكو منذ فترة طويلة.

ورغم تقادم تلك المنظومة، إلا أن الحكومة السورية أعلنت استخدامها عام 2018 لإسقاط مقاتلة F-16 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، وأسقطتها في منطقة جبل الشيخ بالجولان المحتل، وفق تقارير إعلامية.

وأيضاً تملك روسيا منذ العهد السوفيتي منظومات SA-8 Gecko بفئاتها المختلفة، التي أُنتجت فئة حديثة منها عام 1980 باسم 9K33M3 Osa-AKM، وبشكل عام فإن هذه المنظومة مخصصة للدفاع الجوي قصير المدى، وتتمتع بقدرات حركية عالية تصل إلى 60 كيلو متر في الساعة على الطرق الممهدة، ما يجعلها مناسبة لمعاونة القوات المدرعة بسبب مواصفاتها الجيدة.

أما على المسافات البعيدة، ولمواجهة التهديدات الأكثر تعقيداً، تأتي عائلة صواريخ S الروسية المضادة للطائرات والصواريخ المجنحة، لتشكل بنسخها المختلفة، طبقة حماية لافتة في الأجواء الروسية.

وتعتبر منظومة S-400 Triumf الأكثر شهرة، خاصة بعد تصديرها لعدة دول، من بينها تركيا العضو في حلف “الناتو”. وهي منظومة متحركة تم تصميمها لمواجهة المقاتلات والطائرات المسيرة والصواريخ الجوالة، فضلاً عن قدراتها العالية لمواجهة الصواريخ الباليتسية. وتعمل في مدى يتراوح ما بين 250 إلى 400 كيلو متر، وتعمل في الجيش الروسي منذ 2007 حتى الآن.

كما تُعد صواريخ 40N6 ذات المدى المقدر بـ400، واحدة من الصواريخ القياسية للمنظومة. وفي نوفمبر 2023، أعلنت روسيا أنها بصدد إنتاج ألف صاروخ من هذه النوعية لمنظومات S-400. وبحسب خبراء فإن تطوير روسيا لهذا العدد الكبير من الصواريخ، يستهدف إسقاط طائرات F-16 الأوكرانية.

ويُعتبر الصاروخ 40N6، سلاحاً مثالياً لمواجهة المقاتلات الأوكرانية الجديدة، خاصة إذا تم تنظيم استخدامه مع طائرات الكشف من طراز A-50، التي تتيح للصاروخ العمل في مجال واسع خلف مدى الرؤية.

وتُشير تقارير إلى أن موسكو تتوقع أن تطير مقاتلات F-16 على ارتفاعات عالية، لتجنب الرصد والاستهداف من المنظومات الروسية المنتشرة على الأرض، لذلك تبدو منظومة S-400 بصاروخها المطور، طبقة حماية رئيسية للمديات والارتفاعات الأكبر.

وفي النطاقات الأوسع، تستخدم روسيا أحدث منظوماتها المضادة للأهداف الجوية، وهي S-500 Prometheus، التي تستطيع التعامل مع الصواريخ فرط الصوتية، بالإضافة إلى الطائرات الشبحية ومواجهة أنظمة التشويش الالكتروني بكفاءة كبيرة، وهي النسخة الأحدث على الإطلاق من أنظمة الدفاع الجوي الروسي.

في المقابل، شكّكت تقارير غربية في سرعة إنتاج روسيا لمنظومتها الأحداث، واعتبرت أن ما تملكه من منظومة S-500 Prometheus، وهي الأحدث والأكثر تكلفة، يُغطي عمل فوج واحد فقط من الدفاع الجوي، وهو ما يعني أن لدى روسيا 4 بطاريات فقط من هذا النوع يتم نشرها لحماية الأصول الأكثر أهمية والمواقع الاستراتيجية.

وفي تقرير مطول لصحيفة “نيوزويك”، قال خبراء إن تصنيع هذه النوعية يحتاج إلى الكثير من الوقت والمال، فضلاً عن التقنيات الغربية التي أصبح الحصول عليها شديد الصعوبة بالنسبة لروسيا بسبب العقوبات غير المسبوقة المفروضة عليها منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتمتلك روسيا “غابة كثيفة” من المضادات الأرضية، فضلاً عن قدرات طيرانها الاعتراضية الكبيرة، لكن ما يؤثر على هذا التفوق في الدفاع الجوي المتكامل، هو القدرة على سد الثغرات، ومواجهة التكتيكات الجديدة التي تبتكرها القوات الأوكرانية، فضلاً عن التغلب على الدور الكبير الذي تلعبه غرف العمليات الغربية لتوجيه وتحسين الهجمات الأوكرانية الجوية بصورة مستمرة.

عن الشرق

Exit mobile version