لماذا رفض الأمريكيون العرب التصويت لهاريس وكيف أقنعهم ترامب بتأييده؟

الرفض الذي أبداه العديد من الأمريكيين العرب تجاه التصويت لكامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، والانتقال نحو دعم دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة يعود إلى عدة عوامل مرتبطة بالخيبة التي شعرت بها الجالية العربية من سياسات إدارة بايدن، لا سيما فيما يتعلق بمواقفها من قضايا الشرق الأوسط.

1. خيبة الأمل من إدارة بايدن:

كثير من الأمريكيين العرب كانوا قد أملوا في أن يكون بايدن، الذي أتى بعد سنوات من حكم ترامب، قادرًا على تصحيح ما اعتبروه انحيازًا أمريكيًا قويًا لصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين، خصوصًا خلال فترات التصعيد مثل الحرب الأخيرة في غزة. ولكن، مع استمرار التصعيد العسكري في غزة ومناطق أخرى، لم تكن هناك خطوات حقيقية تُظهر تغييرات في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، ما خلق خيبة أمل كبيرة لدى الجالية العربية.

عدم التعامل بجدية مع معاناة الفلسطينيين، وخصوصًا مع تزايد أعداد الضحايا في غزة، جعل الكثير من العرب الأمريكيين يشعرون بأن إدارة بايدن لم تكن تتعامل مع القضية الفلسطينية بالطريقة التي كانوا يأملونها. وتضاف إلى ذلك الانتقادات من جانب إدارة بايدن بشأن سياسات إسرائيل وعملياتها العسكرية، والتي اعتُبرت غير كافية أو حتى مُتساهلة في بعض الأحيان.

2. التأثير الفلسطيني ودور ترامب:

على الرغم من أن ترامب كان يُعتبر من أكثر الرؤساء الأمريكيين الذين دعموا إسرائيل بشكل علني خلال ولايته الأولى (مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها)، إلا أنه نجح بطريقة ما في استقطاب بعض أفراد الجالية العربية، خاصة أولئك الذين كانوا يبحثون عن بديل عملي أو غاضب من إدارة بايدن. البعض وجد أن خطاب ترامب كان أكثر وضوحًا وصرامة في بعض القضايا، رغم تاريخه المثير للجدل.

في المقابل، تمكّن ترامب من استغلال الإحباط والخيبة التي شعر بها الأمريكيون العرب من السياسات الديمقراطية، وخاصة مع تجاهل قضاياهم في الشرق الأوسط، مثل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد تمكّن من إقناع جزء من الجالية العربية بأنه أفضل خيار لمواجهة استمرار تدهور الوضع في الشرق الأوسط، وخاصة في غزة ولبنان، حتى وإن كانت سياسات ترامب تتسم بالانحياز الواضح لإسرائيل.

3. الخطاب السياسي والاقتصادي:

لا يمكن أيضًا تجاهل أن جزءًا من هذه التحولات في تصويت الأمريكيين العرب يعود إلى الخطاب الاقتصادي والسياسي لترامب، الذي ركز على القضايا الداخلية بشكل مكثف. فقد نجح في مخاطبة بعض أفراد الجالية العربية من خلال وعود تتعلق بتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين وضعهم المالي، وهو ما كان له تأثير على العديد من الناخبين العرب، خصوصًا في مناطق مثل ديترويت ونيوجيرسي، حيث توجد جاليات عربية كبيرة.

4. عدم الثقة في هاريس:

كامالا هاريس، على الرغم من كونها أول نائبة رئيس من أصل هندي-أفريقي، لم تكن تتمتع بشعبية كبيرة في أوساط بعض الناخبين العرب. البعض اعتبرها شخصية غير قادرة على الضغط الجاد على إسرائيل أو تغيير الوضع في الشرق الأوسط بشكل جذري، وهو ما يعكس مخاوفهم من عدم قدرتها على القيام بدور مؤثر في القضايا التي تهمهم.

5. تصريحات ترامب وحملته الانتخابية:

خلال حملته الانتخابية، استطاع ترامب أن يوظف خطابًا يعزز شعور الناخبين العرب بأنه هو الأكثر جدية في تحقيق تغييرات حقيقية على الأرض، خاصة في مسألة تحريك الملف الفلسطيني. بينما كانت إدارة بايدن تُتهم بالتراخي، استطاع ترامب أن يقدم نفسه على أنه “الرئيس الذي كان سيتعامل بصرامة أكبر مع الوضع في الشرق الأوسط”.

الخلاصة:

رفض بعض الأمريكيين العرب التصويت لكامالا هاريس كان نتيجة لمشاعر الإحباط من سياسات بايدن، لاسيما تجاه قضايا الشرق الأوسط مثل فلسطين وغزة. في المقابل، استطاع ترامب، رغم سياساته المتشددة والموالية لإسرائيل، أن يستقطب جزءًا من هذه الجالية من خلال الوعود الاقتصادية والتأكيد على أن موقفه سيكون أقوى في التعامل مع التحديات الإقليمية.

Exit mobile version