الأزمة السورية دخلت مرحلة جديدة من التفاعلات الدولية

ألمانيا تؤكد على أهمية أمن الأكراد في سوريا وتدعو إلى محاسبة القادة الجدد “من خلال أفعالهم”

في خطوة دبلوماسية هامة، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، يوم الجمعة 20 ديسمبر 2024، أن بلادها ستقوم بتقييم القادة الجدد في سوريا، ممثلين في “هيئة تحرير الشام”، استنادًا إلى أفعالهم، في الوقت الذي شددت فيه على أن أمن الأكراد في البلاد يعد ضروريًا من أجل ضمان مستقبل آمن لسوريا.

جاءت تصريحات بيربوك عقب لقاء مع نظيرها التركي، هاكان فيدان، في أنقرة، حيث أشارت إلى أن ألمانيا تضع أهمية كبيرة على ضمان حماية الأقليات، خاصة الأكراد، في سياق أي تطور سياسي قادم في سوريا. وقالت بيربوك إن “الأمن، وخاصة للأكراد، ضروري لمستقبل حر وآمن لسوريا”، مؤكدةً أن أي تصعيد ضد القوات الكردية في سوريا يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية على الاستقرار الإقليمي.

من جهة أخرى، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان قد عاد للتو من زيارة إلى القاهرة، إلى ضرورة “القضاء” على ما أسماه “الجماعات الإرهابية” في سوريا، موجهًا حديثه بشكل خاص إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وحزب العمال الكردستاني (PKK). أردوغان أكد في تصريحات صحفية أن تركيا ستواصل جهودها لتأمين حدودها الجنوبية ومنع تهديدات الإرهاب، مشددًا على ضرورة دعم الاستقرار في سوريا من خلال القضاء على تلك التنظيمات.

كما شهدت الأسابيع الأخيرة تحركات دبلوماسية واسعة في سوريا، حيث استقبلت العاصمة دمشق مسؤولين أمريكيين كبار في زيارة هي الأولى من نوعها منذ الإطاحة بحكومة بشار الأسد. وتأتي هذه الزيارة ضمن جهود استكشاف سبل التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، التي تترأسها هيئة تحرير الشام، بعد سقوط النظام السابق. وأشار دبلوماسيون أمريكيون إلى أن اللقاء مع القائد الجديد للإدارة السورية، أحمد الشرع، كان إيجابيًا، حيث تم مناقشة مسائل انتقال السلطة وضمانات لحقوق الأقليات، بما في ذلك الأكراد.

على الصعيد الدولي، أبدت منظمة الهجرة الدولية قلقها من عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مشيرةً إلى أن الظروف في سوريا لا تزال غير مستقرة بشكل كافٍ للعودة الجماعية للاجئين. في الوقت نفسه، طالبت المنظمة بمراجعة العقوبات المفروضة على سوريا، مع التأكيد على أن عملية الإعمار تتطلب إجراءات مرنة تدعم استقرار البلد في المستقبل.

من خلال هذه التطورات، يبرز أن الأزمة السورية دخلت مرحلة جديدة من التفاعلات الدولية، حيث تتزايد الضغوط على القادة الجدد لإثبات التزامهم بالقيم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى تعزيز مصالحها الأمنية والاقتصادية في سوريا.

إن الحوار المستمر بين الأطراف الدولية والأزمة المتصاعدة بين القوى المحلية يشير إلى أن المستقبل السوري لا يزال غامضًا، في انتظار أن تظهر أفعال القادة الجدد بوصفها المعيار الذي سيتم من خلاله تحديد علاقات سوريا مع العالم الخارجي. ش ع

Exit mobile version