التزام جديد يعيد تشكيل ملامح الحكم في الجزائر

في خطاب تاريخي أمام البرلمان بغرفتيه في قصر الأمم بنادي الصنوبر، أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن الالتزام بالخطاب أمام نواب الشعب يعبر عن المنهج الجديد في إدارة الشأن العام، مشددًا على أهمية الشفافية والحكم الراشد كتوجه استراتيجي للدولة الجزائرية.

الحكم الراشد والديمقراطية المحلية

استعرض السيد تبون رؤيته لتكريس الديمقراطية الحقة من خلال قوانين جديدة للبلدية والولاية، مشيرًا إلى أنها تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية المحلية واستكمال بناء هرم الدولة. وأوضح أن هذا النهج يعكس تقدير القيادة لممثلي الشعب وحرصها على ترسيخ مبادئ الشفافية.

الحوار الهادئ والبناء

في مقاربته للحوار الوطني، شدد رئيس الجمهورية على ضرورة الابتعاد عن الضوضاء والمساومات، مؤكدًا أن الحوار البناء يتطلب الهدوء والمسؤولية. وأعرب عن أسفه لبعض الأصوات التي تطالب بالتغيير لكنها لا تعتبر نفسها جزءًا من هذا المسار.

إنجازات اقتصادية نحو التحول إلى دولة ناشئة

أشاد الرئيس تبون بالتطورات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، مشيرًا إلى أن جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية في “اللون الأخضر” باعتراف دولي. وتحدث عن مشاريع استراتيجية كبرى تشمل استغلال الثروات الطبيعية وتطوير البنية التحتية، مثل إنشاء سكك حديدية تصل إلى تمنراست واستغلال مناجم جديدة ستوفر الثروة وفرص العمل.

الطاقة والزراعة: ركائز الاقتصاد الوطني

أكد السيد تبون أن الجزائر حققت اكتفاء ذاتيًا من الطاقة الكهربائية مع فائض قدره 12 ألف ميغاواط مخصص للتصدير. كما أشار إلى تطور قطاع الزراعة الذي بلغت قيمة إنتاجه 37 مليار دولار، معلنًا عن طموح الجزائر لتحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح اللين بعد تحقيقه في القمح الصلب.

إصلاحات صناعية وتمكين الشباب

فيما يخص الصناعة، وصف الرئيس الجهود المبذولة بأنها إصلاحات جوهرية لمعالجة فترة تصحّر صناعي وصلت نسبته إلى 3% فقط من الناتج الداخلي الخام. كما أثنى على دور الشباب الجزائري في المؤسسات الناشئة، مؤكدًا قدرتهم على رفع التحدي وتحقيق إنجازات تخدم الاقتصاد الوطني.

عدالة اجتماعية وسياسات إسكانية رائدة

أبرز الرئيس أن توزيع السكن يعتبر أساس كرامة المواطن، وليس تبديدًا للمال كما يزعم البعض. ولفت إلى أن مشاريع الإسكان أصبحت تعتمد على مواد محلية بالكامل، مما يعكس تقدم الجزائر في تقليل الاعتماد على الواردات.

الذاكرة الوطنية والسيادة

لم يغفل السيد تبون الحديث عن الذاكرة الوطنية، منتقدًا الممارسات الاستعمارية التي تركت آثارًا سلبية، مثل التجارب النووية في الجنوب الجزائري. وطالب الدول المعنية بالاعتراف بجرائمها وتنظيف مخلفاتها.

السياسة الخارجية: دعم القضايا العادلة

جدد الرئيس موقف الجزائر الثابت من القضية الفلسطينية، مؤكدًا استمرار دعمها حتى تحقيق الاستقلال. كما أشار إلى أن قضية الصحراء الغربية تظل مسألة تصفية استعمار وحق تقرير المصير، مشددًا على أن فكرة الحكم الذاتي ليست مغربية وإنما فرنسية الأصل.

دعوة إلى الجالية الوطنية

وجه الرئيس دعوة مفتوحة للجالية الجزائرية في الخارج للاستثمار في الوطن، مؤكدًا أن قانون الاستثمار سيظل ثابتًا لعشر سنوات لضمان الاستقرار. وناشدهم بالعمل على دعم بلادهم ومواجهة التحديات التي تعترضها.

نحو مستقبل مشرق

اختتم الرئيس خطابه بالتأكيد على رفع القدرة الشرائية للمواطنين بنسبة 53% خلال العهدة الحالية، مشددًا على أن الجزائر بخير رغم التحديات. وأضاف أن التزام الدولة بمشاريع تنموية كبرى يعكس قدرتها على تحقيق الاستقرار والنمو في آنٍ واحد.

خاتمة

خطاب السيد تبون كان شاملاً ومليئًا بالرسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعكس رؤية طموحة لمستقبل الجزائر. لكن النجاح في تحقيق هذه الأهداف يتطلب تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف، مع تكاتف الجهود لضمان تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع.ش ع

Exit mobile version