
في قضية أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط التجارية والقانونية، قضت محكمة الحراش أمس الخطية بتوقيع عقوبة عام حبس نافذ وغرامة مالية قدرها 100 ألف دينار في حق صاحب مصنع عجائن يدعى “م.س”، بالإضافة إلى الإغلاق النهائي لشركته التي كانت تنتج عجائن تحت اسم “ديول أم وليد”. كما ألزمت المحكمة المتهم بدفع تعويض مالي قدره 200 مليون سنتيم لصاحبة العلامة التجارية “مطبخ أم وليد”، وهي “ط.ل.ف” المعروفة باسم “أم وليد” على منصة اليوتيوب، والتي اتهمته بتقليد علامتها التجارية واستغلال اسمها وشهرتها في التسويق لمنتجاته.
تفاصيل القضية:
تعود أصول القضية إلى شكوى تقدمت بها “أم وليد”، وهي صاحبة قناة طبخ شهيرة على اليوتيوب، ضد صاحب مصنع العجائن “م.س”، بتهمة تقليد علامة تجارية مسجلة. وأوضحت الشكوى أن “أم وليد” تملك العلامة التجارية “مطبخ أم وليد”، والتي تشمل إنتاج وتسويق المنتجات الغذائية، بما في ذلك “الديول”، تحت الرقم 30 في تصنيف المنتجات الغذائية.
وقد تفاجأت “أم وليد” في عام 2021 بوجود منتج “ديول” يحمل اسمها ويباع في الأسواق. وبعد التحقيق، اكتشفت أن “م.س” هو من يقوم بإنتاج وتسويق هذا المنتج. وعلى إثر ذلك، وجهت له إنذارًا قضائيًا في 20 أبريل 2021، طالبة منه سحب المنتج من الأسواق والتوقف عن استخدام اسمها. إلا أن المتهم استمر في إنتاج وتسويق المنتج، مما دفع “أم وليد” إلى رفع دعوى قضائية ضده.
جلسة المحاكمة:
خلال جلسة المحاكمة، حضر زوج “أم وليد”، “م.ج”، كشاهد في القضية، حيث أكد أن زوجته تملك العلامة التجارية “مطبخ أم وليد” منذ عام 2014، وأنها قامت بشراء حقوق الملكية الصناعية من المعهد الوطني للملكية الصناعية منذ أربع سنوات. وأضاف أنهم حاولوا حل النزاع ودّيًا بمنح المتهم مهلة ستة أشهر لسحب المنتج، لكنه استمر في الإنتاج خلال رمضان 2022 و2023.
من جهته، نفى المتهم “م.س” جميع التهم الموجهة إليه، مؤكدًا أنه أسس شركته “عجائن أم وليد” في عام 2017، وأنه قام بتسجيل العلامة التجارية بشكل قانوني. وأضاف أنه لم يكن على علم بوجود علامة تجارية أخرى تحمل اسم “أم وليد”، وأن منتجه اكتسب سمعة طيبة في السوق.
دفاع المتهم:
دافع محامي المتهم عن موكله بالقول إنه قام بتسجيل العلامة التجارية “عجائن أم وليد” في 2017، وأن المعهد الوطني للملكية الصناعية أجري تحقيقات قبل منحه العلامة، ولم يتم اكتشاف أي تعارض مع علامة “مطبخ أم وليد”. وأشار إلى أن المتهم يمتلك قاعدة صناعية ويوظف حوالي 50 عاملاً، وأنه حقق نجاحًا كبيرًا في السوق. كما أضاف أن “أم وليد” لم تطرح أي منتجات بعلامتها التجارية في السوق، مما يضعف ادعاءات التقليد.
حكم المحكمة:
بعد استماعها إلى جميع الأطراف، قضت المحكمة بما يلي:
- عام حبس نافذ وغرامة مالية قدرها 100 ألف دينار في حق المتهم “م.س”.
- الإغلاق النهائي لشركته التي تنتج “ديول أم وليد”.
- دفع تعويض مالي قدره 200 مليون سنتيم لصاحبة العلامة التجارية “أم وليد”.
ردود الفعل:
أثار الحكم ردود فعل متباينة، حيث رحبت “أم وليد” بالقرار، معتبرة أنه انتصار للقانون ولحقوق الملكية الفكرية. من جهة أخرى، أعرب بعض المتابعين عن تعاطفهم مع المتهم، خاصة في ظل ادعائه بأنه قام بتسجيل العلامة التجارية بشكل قانوني ولم يكن على علم بوجود علامة مماثلة.
أهمية القضية:
- حماية الملكية الفكرية: تُعد هذه القضية مثالًا على أهمية حماية العلامات التجارية والملكية الفكرية في الجزائر.
- توعية المستثمرين: تسلط الضوء على ضرورة قيام المستثمرين بالتحقق من عدم تعارض العلامات التجارية قبل إطلاق منتجاتهم.
- ردع المخالفين: قد يكون الحكم الصادر في هذه القضية بمثابة رسالة قوية لمن يفكر في استغلال علامات تجارية مسجلة.
في الختام، تُعتبر هذه القضية درسًا مهمًا لأصحاب العلامات التجارية والمستثمرين على حد سواء، حيث تؤكد على أهمية احترام حقوق الملكية الفكرية وضرورة التحقق من عدم تعارض العلامات التجارية قبل إطلاق أي منتج في السوق.ش ع