دمشق، 11 يناير 2025
في خطوة غير مسبوقة منذ 15 عامًا، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، العاصمة السورية دمشق، حيث التقى قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع. تأتي هذه الزيارة في سياق تغييرات إقليمية مهمة، ومحاولات لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
ترسيم الحدود وضبط التهريب
في مؤتمر صحفي مشترك عقد في قصر الشعب بدمشق، أعلن ميقاتي أن ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا يحتل “سلّم الأولويات”. وأكد الجانبان على أهمية التعاون لضبط الحدود ووقف التهريب، مشيرين إلى الاتفاق على إغلاق النقاط الحدودية غير الشرعية.
من جانبه، أشار أحمد الشرع إلى وجود ملفات عالقة بين البلدين تحتاج إلى وقت لمعالجتها، ومنها الودائع السورية في البنوك اللبنانية.
علاقات استراتيجية طويلة الأمد
أكد الشرع خلال المؤتمر أن سوريا تسعى إلى بناء علاقات استراتيجية وطويلة الأمد مع لبنان، مشيدًا بانتخاب جوزاف عون رئيسًا للبنان، والذي اعتبره خطوة نحو الاستقرار. وأوضح الشرع أن سوريا تسعى إلى “احترام سيادة لبنان” والابتعاد عن ممارسة أي نفوذ سلبي، في إشارة إلى سياسات سابقة أثارت انتقادات واسعة.
السياق التاريخي والتغيرات الجديدة
تعد هذه الزيارة الأولى لرئيس وزراء لبناني إلى سوريا منذ زيارة سعد الحريري عام 2010. وتأتي في ظل تطورات إقليمية كبيرة، أبرزها إطاحة نظام بشار الأسد وتولي إدارة جديدة بقيادة الشرع في سوريا.
وكانت العلاقات بين البلدين قد تأزمت بشكل كبير منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، خاصة مع تدخل حزب الله لصالح النظام السوري. ورغم ذلك، حافظت الحكومات اللبنانية المتعاقبة على سياسة “النأي بالنفس”.
قضايا ملحة وآفاق جديدة
من أبرز القضايا المطروحة على طاولة الحوار:
- أزمة اللاجئين السوريين: إذ يستضيف لبنان نحو مليوني لاجئ، مما يثقل كاهل الاقتصاد اللبناني.
- المعابر الحدودية غير الشرعية: التي تُستخدم للتهريب وتؤثر سلبًا على أمن واقتصاد البلدين.
- التعاون الاقتصادي: لتعزيز التبادل التجاري وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
تعهدات جديدة من سوريا
وفي تأكيد على النهج الجديد، أعلن الشرع أن سوريا ستعمل على معالجة المشكلات الثنائية بالحوار والتشاور، متعهدًا باحترام سيادة لبنان، وهي خطوة تلقى ترحيبًا حذرًا في الأوساط اللبنانية.
أهمية الزيارة
تشكل زيارة ميقاتي إلى دمشق فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين لبنان وسوريا، في ظل التغيرات السياسية في البلدين. ومع التصريحات الإيجابية من الجانبين، يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذه الوعود إلى أفعال ملموسة تحقق استقرارًا وتنمية مستدامة.ش ع