سوريا: التحديات السياسية والاقتصادية في ظل التقارب الأوروبي

دمشق – 10 يناير 2025 – في وقت تشهد فيه سوريا أزمات إنسانية مستمرة بسبب الحرب والعقوبات، بدأت الحكومة السورية تتحرك نحو تعزيز علاقاتها مع الدول الأوروبية. ففي مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، أعلن وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني عن زيارات مرتقبة له إلى دول أوروبية، في خطوة تندرج ضمن جهود الحكومة السورية لتوسيع دائرة دعمها الخارجي والتأثير في السياسات الأوروبية.

وتعتبر زيارة تاياني إلى سوريا، التي تشمل جولة في الجامع الأموي في دمشق، بداية جديدة في العلاقات بين دمشق ودول الاتحاد الأوروبي بعد سنوات من التوترات السياسية. الوزير الإيطالي أكد في تصريحات له أن الهدف هو دعم استقرار سوريا ووحدتها، وهو ما يتماشى مع الموقف الأوروبي الذي يسعى إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

الاتحاد الأوروبي: شروط لتخفيف العقوبات

وفي حين رحبت بعض الدول الأوروبية بتطوير العلاقات مع دمشق، إلا أن الاتحاد الأوروبي وضع شروطًا صارمة لهذه العملية. في تصريحاتها الأخيرة، أكدت كايا كالاس، مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد قد يقوم بتخفيف العقوبات على سوريا بشكل تدريجي، ولكن هذا مرهون بتحقيق “تقدم ملموس” من جانب الحكومة السورية في العملية السياسية وتحقيق حقوق الإنسان.

الحديث عن تخفيف العقوبات يأتي في وقت حساس، حيث يعاني السوريون من آثار الأزمة الاقتصادية والإنسانية المستمرة، وخصوصًا بعد فرض عقوبات اقتصادية واسعة على البلاد. الاتحاد الأوروبي يطالب بتشكيل حكومة جامعة تضم جميع الأقليات في سوريا، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا في ظل الانقسامات العميقة بين مختلف الأطراف السياسية.

التحديات الداخلية والخارجية

من جانب آخر، تكشف الأزمات الداخلية في سوريا عن صعوبات إضافية أمام الحكومة في تحسين الأوضاع. فعلى الرغم من الوعود بتحقيق تقدم سياسي، تبقى العقوبات الدولية، بما في ذلك من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، واحدة من أبرز العقبات أمام أي تحسن اقتصادي حقيقي. في هذا السياق، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن إعفاء إضافي لبعض الأنشطة في سوريا لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، إلا أن هذا لا يعكس تحولًا جذريًا في الموقف الأمريكي.

وعلى الرغم من هذه الإجراءات، تبقى قضية “هيئة تحرير الشام” وتواجدها في مناطق شمال غرب سوريا نقطة خلاف أساسية مع الغرب. الولايات المتحدة، التي تصنف الهيئة ضمن الجماعات الإرهابية، تشير إلى أنها لن ترفع هذا التصنيف في المدى القريب، ما يخلق مزيدًا من التوترات في العلاقات بين دمشق والغرب.

خاتمة: مستقبل العلاقات السورية الأوروبية

من الواضح أن مستقبل العلاقات بين سوريا والاتحاد الأوروبي سيظل رهينًا بالتحولات السياسية داخل سوريا والتقدم المحرز على صعيد حل النزاع وتحقيق المصالحة الوطنية. بينما تسعى دمشق إلى تحسين علاقاتها مع الدول الأوروبية من خلال تنفيذ إصلاحات سياسية محدودة، يبقى المجتمع الدولي حذرًا من تقديم تنازلات قبل أن تفي الحكومة السورية بالتزاماتها تجاه شعبها والمواثيق الدولية.ش ع

Exit mobile version