توفي السياسي الفرنسي جان ماري لوبان، أحد أبرز رموز اليمين المتطرف، عن عمر ناهز 96 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا سياسيًا مثيرًا للجدل. عُرف لوبان بخطابه القومي الشعبوي ومواقفه المثيرة للجدل حول الهجرة والمحرقة النازية، والتي شكَّلت جزءًا محوريًا من مسيرته الطويلة في الحياة السياسية الفرنسية.
مسيرة سياسية مليئة بالجدل
جان ماري لوبان، مؤسس حزب “الجبهة الوطنية” في عام 1972، استطاع عبر عقود أن يجعل من حزبه لاعبًا رئيسيًا في السياسة الفرنسية. اشتهر بشعاره “فرنسا للفرنسيين”، وركز على قضايا الهجرة والأمن في خطاباته. كان حضوره السياسي لافتًا في الانتخابات الرئاسية، حيث خاضها خمس مرات، وكان أبرز إنجازاته تأهله إلى الجولة الثانية في انتخابات عام 2002، عندما واجه الرئيس الراحل جاك شيراك.
حياة صعبة وبداية عنيدة
وُلد لوبان في 20 يونيو 1928 بمدينة “لا ترينيت سور مير” في منطقة بريتاني الفرنسية. عاش طفولة صعبة بعد وفاة والده وهو في الرابعة عشرة من عمره. أظهر عنادًا وتمردًا منذ شبابه، ما عرضه للطرد من المدارس مرتين. انخرط في السياسة من خلال جمعية طلاب القانون في باريس، حيث صقل موهبته في الخطابة التي ميزته طوال مسيرته.
مثير للجدل منذ البداية
خلال حرب الجزائر، واجه لوبان اتهامات بالتورط في ممارسات التعذيب، وهو ما نفاه لاحقًا، مؤكدًا أنه “تصرف بما تمليه الضرورة”. كما تعرض لانتقادات واسعة بسبب إنكاره للمحرقة النازية، وهو التصريح الذي جعله شخصية منبوذة في الأوساط السياسية الفرنسية والدولية.
تحول حزبي وخلاف عائلي
مع تقدمه في السن، سلم لوبان قيادة الحزب لابنته مارين لوبان في عام 2011، التي أعادت صياغة استراتيجية الحزب وغيرت اسمه إلى “التجمع الوطني” في محاولة لتحسين صورته. إلا أن العلاقة بين الأب وابنته شابها التوتر، خاصة بعد تصريحات لوبان المثيرة حول المحرقة، مما أدى إلى طرده من الحزب في عام 2015.
إرث مثير للانقسام
رغم الجدل الكبير الذي أحاط بمسيرته، لا يمكن إنكار تأثير جان ماري لوبان على السياسة الفرنسية. فقد ساهم في دفع قضايا الهجرة والأمن إلى صدارة النقاش السياسي، وأعاد تشكيل خطاب اليمين المتطرف، ليصبح أكثر تأثيرًا في المشهد السياسي. مع رحيله، يبقى إرثه محط انقسام بين من يرونه زعيمًا قوميًا ومن يعتبرونه رمزًا للسياسات العنصرية والمثيرة للفرقة.
وداعًا لحقبة مثيرة
برحيل جان ماري لوبان، يُطوى فصل من فصول اليمين المتطرف الفرنسي. ورغم تناقض إرثه، يظل تأثيره حاضرًا في النقاشات السياسية والاجتماعية في فرنسا، حيث تبقى أفكاره وتصريحاته موضع جدل لسنوات قادمة. ش ع