تحليل: تأثير زيارة الرئيس السوري إلى تركيا على العلاقات بين البلدين وعلى الساحة الإقليمية والدولية

زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى تركيا في فبراير 2025 تمثل تحولًا كبيرًا في العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من التوترات والخلافات التي سادت تحت حكم بشار الأسد. هذه الزيارة تأتي في وقت حساس، حيث يمر الشرق الأوسط بتحولات سياسية هامة، وهي قد تفتح آفاقًا جديدة للعديد من الملفات الإقليمية والدولية.

أبعاد زيارة أحمد الشرع

  1. البعد السياسي والاقتصادي: الزيارة تحمل دلالات سياسية هامة، حيث تسعى تركيا إلى إعادة بناء علاقتها مع سوريا بعد سنوات من التوتر، خاصة بعد اندلاع الحرب السورية. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يؤكد أن العلاقات بين البلدين يجب أن تتحسن تدريجيًا، مع التركيز على استعادة الاستقرار في سوريا، ورفع العقوبات المفروضة عليها. الجانب السوري يسعى للحصول على دعم تركيا في ملف إعادة الإعمار والمساعدة الاقتصادية، وهو ما يمكن أن يساعد في تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد. في هذا السياق، يمكن أن تكون تركيا شريكًا أساسيًا في استثمارات البنية التحتية، مثل توفير الكهرباء والمشاركة في مشروعات إعادة الإعمار.
  2. ملف اللاجئين السوريين: أحد الملفات الرئيسية التي ستكون على طاولة المحادثات بين الرئيسين هو قضية اللاجئين السوريين في تركيا. تركيا ترغب في تشجيع اللاجئين على العودة إلى سوريا، وهو أمر حساس ومعقد، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة في العديد من مناطق سوريا. من جهة أخرى، قد تكون تركيا في وضع يمكنها من ممارسة ضغوط على الدول الغربية من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مما يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي ويسهل عودة اللاجئين.
  3. التحديات الأمنية: البعد الأمني يُعد أيضًا من الأبعاد الحيوية التي سيتناولها اللقاء. تركيا تهدف إلى القضاء على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تسيطر على مناطق هامة على الحدود السورية التركية. من الواضح أن أنقرة ترغب في دعم الحكومة السورية الجديدة في محاربة هذه القوات التي تعتبرها تهديدًا للأمن التركي. سيكون الملف الكردي أحد الملفات المعقدة التي ستحتاج إلى تسوية وتنسيق بين الأطراف المعنية.
  4. التنافس الإقليمي: قد تكون هناك توترات جديدة في الساحة الإقليمية نتيجة لهذه التقاربات بين تركيا وسوريا. التحول في السياسة السورية بعد سقوط بشار الأسد سيؤدي إلى بروز دور تركيا بشكل أكبر على حساب النفوذ الإيراني والروسي، وهو ما قد يؤثر على العلاقات بين الدول الكبرى في المنطقة. تركيا تسعى لأن تكون لها الكلمة العليا في تحديد مسار السياسة السورية المستقبلية، وهو ما يمكن أن يضعها في موقع المنافسة مع القوى الأخرى في المنطقة.
  5. الآفاق المستقبلية: على الرغم من أن الزيارة تعكس تغييرًا في ديناميكيات العلاقات بين البلدين، فإنها لا تعني بالضرورة تحولًا عميقًا في الأدوار السياسية بين تركيا وسوريا. من المؤكد أن العلاقات ستكون قائمة على مبدأ “المصالح المشتركة”، حيث تسعى تركيا لتحقيق أهداف أمنية واقتصادية، بينما تسعى سوريا إلى الحصول على دعم اقتصادي ورفع العقوبات.

خلاصة: زيارة أحمد الشرع إلى تركيا تمثل خطوة هامة نحو تعزيز العلاقات بين البلدين، لكن طبيعة هذه العلاقة لن تكون صداقة بقدر ما ستكون تحالفًا مبنيًا على الهيمنة والمصالح المتبادلة. في ظل غياب الاستقرار الكامل في سوريا، ستكون هذه الزيارة نقطة انطلاق لتحولات سياسية واقتصادية قد تسهم في تشكيل ملامح المنطقة في السنوات المقبلة. وعلى الساحة الدولية، يمكن أن تؤثر هذه التقارب على سياسة القوى الكبرى تجاه سوريا، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات والجهود الإقليمية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.ش ع

Exit mobile version