
قضت محكمة الجنح بدار البيضاء، اليوم الأربعاء، بالسجن لمدة عامين مع غرامة مالية قدرها 200 ألف دينار جزائري على الشاب “ب. أنيس”، البالغ من العمر 21 عامًا، بتهمة الترويج للإلحاد عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك عبر إدارة صفحة “مفطرين رمضان” و”ملحدين جزائريين DZ” على موقع “فايسبوك”. كما تم إلزام المتهم بدفع تعويض مالي قدره 50 مليون سنتيم لصالح الخزينة العمومية.
القضية
تعود تفاصيل القضية إلى قيام المتهم بإدارة صفحة إلكترونية على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، والتي بلغ عدد متابعيها أكثر من 8 آلاف شخص. وتضمنت الصفحة منشورات وصور وفيديوهات معدلة تتضمن إساءة واضحة للدين الإسلامي وللذات الإلهية، بالإضافة إلى ترويج الأفكار الإلحادية. التحقيقات الأولية أظهرت أن المتهم كان عضوا في ثلاث مجموعات إلحادية أخرى على “فايسبوك” تضم ملحدين جزائريين ومغاربة، حيث يتم تداول منشورات تعارض تعاليم الدين الإسلامي.
بداية التحقيق
انطلقت مجريات التحقيق بناءً على تقرير أمني تم رفعه للجهات المعنية حول وجود منشورات مسيئة للدين الإسلامي على منصات التواصل الاجتماعي. وعليه، قامت الفرقة المختصة بمكافحة الجرائم السيبرانية، التابعة لمديرية الشرطة القضائية، بتكثيف جهودها لمتابعة تلك الأنشطة الرقمية. من خلال التحريات التقنية، تمكنت السلطات من تحديد هوية المتهم الذي كان يدير الحسابات المثيرة للجدل.
اعترافات المتهم
خلال استجوابه، اعترف “ب. أنيس” بأنه هو من أنشأ الحسابات الإلكترونية، بما في ذلك الحساب الذي كان يحمل الاسم المستعار “JULIAN AV”، والذي قام بتغييره لاحقًا إلى “LUKE MILLER”. وأكد المتهم أنه كان يدير صفحة “مفطرين رمضان” و”ملحدين جزائريين DZ” التي تحتوي على مناقشات تروج للإلحاد وتنقد الدين الإسلامي بشكل متكرر. كما اعترف بانتمائه إلى مجموعات إلحادية أخرى عبر الإنترنت، حيث كان يتبادل الآراء مع أعضاء آخرين حول الإلحاد، مستنكرًا في الوقت ذاته تعاليم الدين الإسلامي.
ومع ذلك، صرح المتهم في آخر التحقيقات بأنه قرر التوقف عن الانخراط في تلك المجموعات وابتعد عن الأفكار الإلحادية.
الحكم
في الجلسة، طالب وكيل الجمهورية بتوقيع أقسى العقوبات على المتهم، معتبراً أن أفعاله تشكل تهديدًا للقيم الدينية والاجتماعية في المجتمع الجزائري. وأصدرت المحكمة حكمها القاضي بالسجن لعامين مع غرامة مالية، وهو ما يعكس جدية التهم الموجهة إليه. كما تم إلزامه بدفع تعويض مالي بقيمة 50 مليون سنتيم لصالح الخزينة العمومية.
ردود فعل المجتمع
القضية أثارت جدلاً واسعًا في المجتمع الجزائري، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض للحكم. من جهة، يرى البعض أن هذا الحكم ضروري لحماية القيم الدينية في المجتمع ومنع ترويج الأفكار التي تهدد السلم الاجتماعي. ومن جهة أخرى، يعبر آخرون عن قلقهم من تقييد حرية التعبير على الإنترنت، معتبرين أن مثل هذه الأحكام قد تشكل سابقة في قضايا حرية الفكر في الجزائر.
إن قضية “ب. أنيس” تسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الدول العربية في التعامل مع حرية التعبير على الإنترنت في سياق حماية القيم الدينية. هذا الحكم قد يكون نقطة تحول في كيفية تعامل السلطات مع الأنشطة الإلكترونية التي تروج لأفكار تتناقض مع المعتقدات الدينية السائدة في المجتمع. في الوقت نفسه، يبقى السؤال مطروحًا حول كيفية تحقيق توازن بين ضمان حرية الرأي والحفاظ على السلم الاجتماعي والاحترام المتبادل بين الأفراد. ش ع