أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رؤية جديدة في سياسته الاقتصادية، مشيرًا إلى أن أي ألم اقتصادي قصير الأجل سيكون مبررًا في حال تحقيق مكاسب طويلة المدى. ترمب الذي أطلق حملته الانتخابية على أساس تعزيز الاقتصاد الأمريكي، بدأ في التنبيه إلى أن التحولات الكبرى التي يخطط لها قد تؤدي إلى بعض التضحيات المؤقتة.
على الرغم من التعهدات المتكررة بعصر ذهبي قادم للاقتصاد الأمريكي، فإن هناك تحولًا واضحًا في نبرة الخطاب الرئاسي مع تصاعد التوترات الاقتصادية. ففي الأسبوع الماضي، تم فرض تعريفات جمركية جديدة ثم تم التراجع عنها، ما أدى إلى تصاعد المخاوف حول الاقتصاد الأمريكي، خاصة في أسواق الأسهم التي شهدت تراجعًا ملحوظًا.
“الألم القصير الأجل” و”إعادة التصنيع”
ترمب، في تصريحات له أمام الكونغرس، أكد أن زيادة الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية تهدف إلى حماية الولايات المتحدة من تبعات العولمة، مبينًا أن أي تباطؤ اقتصادي سيكون مؤقتًا وأن المستقبل سيشهد عودة قوية للصناعات الأمريكية. وقال: “الولايات المتحدة ستكون قوية جدًا على المدى الطويل بفضل هذه الإجراءات”.
ويبدو أن ترمب يتجه إلى التركيز على الصناعة المحلية وإعادة التصنيع إلى الداخل الأمريكي، معتبرًا أن التحولات السريعة ستؤدي إلى المزيد من الوظائف ذات الأجور المرتفعة في القطاعات الإنتاجية بدلاً من الوظائف الحكومية.
التضخم والأسواق المالية: القلق يتزايد
ورغم هذه التطمينات، يواجه الاقتصاد الأمريكي تحديات واضحة. فالتضخم أصبح معضلة كبيرة، خاصة مع فرض التعريفات الجمركية على الواردات. وبينما كانت الأسواق المالية تشهد تذبذبًا، بدا أن المخاوف من تباطؤ الاقتصاد تتزايد، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي يبتعد عن التركيز على أداء سوق الأسهم، الذي كان أحد مؤشرات النجاح الرئيسية في فترات سابقة.
الحرب التجارية وأثرها على الشركات
ترمب استمر في حملته التجارية الموجهة ضد دول مثل الصين وكندا والمكسيك، حيث كانت هناك خطوات مفاجئة في فرض الرسوم الجمركية على بعض الدول مع إرجاء بعضها الآخر. هذه السياسات التجارية أثارت قلقًا في أوساط الشركات الأمريكية، التي قد تتعرض لتداعيات سلبية نتيجة فرض هذه الرسوم.
على الرغم من التوترات التجارية، فإن البيت الأبيض أكد أن التركيز سينصب على تعزيز الاقتصاد الحقيقي من خلال دعم القطاع الصناعي، حيث اعتبر أن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للاقتصاد بدلاً من التركيز على أسواق المال.
القلق المستمر: هل ستستمر سياسات ترمب؟
ومع اقتراب موعد تنفيذ المزيد من الإجراءات الاقتصادية، مثل زيادة الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم، يظل القلق قائمًا من تأثير هذه السياسات على الصناعة الأمريكية والشركات المصدرة. كما أن التصعيد مع الشركاء التجاريين قد يؤثر على الصادرات الأمريكية ويزيد من حالة عدم اليقين.
كما أن الخطط التي يعمل ترمب على تنفيذها قد تتسبب في انقسامات أكبر في المجتمع الأمريكي، حيث يرى البعض أن هذه السياسات قد تضر الطبقات الوسطى وتخدم مصالح الأثرياء. في المقابل، يسعى ترمب إلى تقليل الضرائب على الشركات الكبرى ويأمل أن يسهم ذلك في تحسين الإيرادات الحكومية.
نظرة مستقبلية
على الرغم من كل هذه التحديات والشكوك، يبقى السؤال الأهم: هل ستؤتي سياسات ترمب الاقتصادية ثمارها في المدى الطويل؟ وهل ستظل الولايات المتحدة قادرة على مواجهة تبعات الحرب التجارية؟ كما أن الوقت سيكشف إذا كانت الإجراءات الاقتصادية التي يتبعها ستؤدي إلى تضخم أو إلى نمو حقيقي في الاقتصاد. ش ع