في رحاب الذاكرة والريادة: “يوم العرفان على نهج الوفاء والبناء” بجامعة مستغانم

مقال بقلم الصحفي منير قوعيش

في مشهد وطني مفعم بالانتماء والتقدير، وتحت شعار “يوم العرفان على نهج الوفاء والبناء”، احتضنت جامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم فعاليات الملتقى الوطني للمنظمة الوطنية للطلبة الأحرار، تخليدًا للذكرى التاسعة والستين ليوم الطالب، المصادف لـ19 ماي من كل سنة، والذي يُعدّ محطة تاريخية مفصلية في مسيرة النضال الجزائري.

هذا الموعد الرمزي جمع ثلة من المسؤولين، الأكاديميين، الفاعلين في المجتمع المدني، وأبرز القيادات الشبابية، بحضور مميز لـرئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني السيدة ابتسام حملاوي، رفقة والي ولاية مستغانم السيد أحمد بودوح، وعدد من الشخصيات الرسمية والمدنية.

الملتقى لم يكن مجرّد وقفة تذكارية، بل جاء محمّلًا برؤية استشرافية تُعيد ربط الأجيال الصاعدة بجذورهم التاريخية، في لحظة تجديد للعهد مع تضحيات طلبة 1956 الذين فضلوا ساحات القتال على مقاعد الدراسة.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد السيد الوالي أن هذه المناسبة تعد “تجسيدًا حيًا لروح الوفاء والعرفان، وفرصة لترسيخ الذاكرة الوطنية في وجدان الشباب الجامعي”، مشيرًا إلى أن مستغانم، التي كانت أحد حصون الثورة، تستمر اليوم في أداء دورها الوطني من بوابة العلم والمعرفة.

أما السيدة ابتسام حملاوي، فركزت في كلمتها على أهمية قراءة بيان أول نوفمبر كمرجع نضالي لا ينتمي إلى الماضي فقط، بل كخارطة طريق دائمة التجدّد، قادرة على توجيه وعي الشباب نحو الالتزام، الوحدة، والتفاني في خدمة الوطن.

وعلى هامش الملتقى، نظّم الطلبة معرضًا نوعيًا للمؤسسات الناشئة، جسّد فيه شباب الجامعة روح الابتكار والطموح، حيث عُرضت مشاريع في مجالات التكنولوجيا، الطاقات المتجددة، البيئة والخدمات الرقمية. وقد نالت هذه المبادرات إعجاب الحضور، لا سيما الوفد الرسمي الذي أثنى على جودة الأفكار وقيمة المشاريع.

في هذا السياق، عبّر السيد الوالي عن دعمه الكامل لمثل هذه المبادرات، معتبرًا أنها “تمثل البذرة الحقيقية لريادة الأعمال الجامعية، ومحركًا حيويًا لتحقيق التنمية الاقتصادية”.
وفي مداخلة وُصفت بالقيمة والرمزية، استعرض الأمين العام للمنظمة الوطنية للطلبة الأحرار السيد رياض بوخبلة أبعاد قرار طلبة 19 ماي 1956، مؤكدًا أنه لا يزال مصدر إلهام للأجيال الجديدة في مسار الوفاء والبناء.

كما شدّد مدير الجامعة على أن الجامعة ليست فقط فضاءً للعلم، بل هي كذلك منصة لتعزيز الوعي الوطني، وتكريس دور الطالب كفاعل حقيقي في المجتمع.
الملتقى خرج برسائل قوية تؤكد على ضرورة التمكين الفعلي للشباب في صياغة مستقبل الوطن، من خلال دعم الابتكار، تعميم ثقافة المبادرة، وإعادة الاعتبار للتاريخ الوطني كعامل توجيه واستنهاض.

ففي جزائر اليوم، لم يعد الوفاء للماضي مجرّد ذكرى، بل أصبح مشروع بناء حقيقي تُسهم فيه النخب الجامعية بوعيها، طموحها، وأحلامها

“يوم العرفان على نهج الوفاء والبناء” لم يكن فقط ملتقى طلابيًا، بل كان منصة وطنية جسّدت تفاعل الذاكرة التاريخية مع الرؤية المستقبلية، وسط إيمان عميق بأن الطلاب هم حملة الشعلة نحو جزائر قوية، موحّدة، ومتجدّدة.

Exit mobile version