مقال بقلم منير قوعيش
في قلب الأحياء الشعبية والمدن المتوسطة، حيث تنبض الحياة اليومية للمواطن البسيط، تقف البلديات كأول واجهة للسلطة، وأقرب نقطة اتصال بين المواطن والدولة. غير أن هذه الحلقة المفصلية في سلسلة الإدارة المحلية تشهد، في بعض البلديات، اختلالات واضحة تثير تساؤلات ملحة حول دور رؤسائها.
رغم الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها “المير”، إلا أن المواطن كثيرًا ما يُجبر على مواجهة التجاهل، خاصة حين يطرق أبواب البلدية بشكاوى تتعلق بقضايا مصيرية كالماء والكهرباء، والنظافة، أو سلامة الطرق. شكاوى تتكرر، وردود تغيب، ومواطنون يشعرون أنهم مجرد أرقام في دفاتر الإدارة.
من حي شعبي في إحدى البلديات يقول المواطن م.ع:
“تقدّمنا بعدة شكاوى بسبب الانقطاعات المتكررة للماء، لكن لا حياة لمن تنادي، رئيس البلدية لا يرد، لا يستقبل، وكأننا لا نُرى.”
هذه القطيعة بين المسؤول المحلي والمواطن، يرى فيها البعض نتيجة مباشرة لضعف آليات الرقابة وغياب المحاسبة الفعالة، مما جعل بعض الرؤساء يتعاملون مع مناصبهم كمقاعد مريحة لا كمسؤولية مستمرة.
وفي الوقت الذي تتنامى فيه معاناة المواطنين من مظاهر التهميش – من غياب المساحات الخضراء، إلى الحفر والمطبات العشوائية التي تهدد أرواح السائقين – يبقى دور رئيس البلدية معلقًا، بين من يرى نفسه فوق المساءلة، ومن يُلقي باللائمة على “الجهات العليا”.
ما يحتاجه المواطن ليس مزيدًا من الشعارات الجوفاء، بل مسؤولين ميدانيين، يخرجون من مكاتبهم، ينصتون، يتفاعلون، ويجعلون من التنمية المحلية مشروعًا حقيقيًا لا مجرد حبر على ورق.
فربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز ثقافة التواصل، كفيلان بإعادة بناء جسور الثقة المهترئة بين الإدارة والمواطن.