في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الحقوقية والإنسانية، وجّهت منظمات خيرية وحقوقية انتقادات لاذعة لقرار الولايات المتحدة وقف إصدار تأشيرات الزيارة للفلسطينيين القادمين من غزة، محذّرة من انعكاساته الخطيرة على الأطفال الجرحى الذين يعتمدون على هذه التأشيرات لتلقي العلاج الطبي في الخارج.
خلفيات القرار
وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت السبت الماضي تعليق كافة تأشيرات الزيارة للفلسطينيين من قطاع غزة، بحجة إجراء “مراجعة شاملة ودقيقة” لآلية منحها. ويأتي هذا القرار في أعقاب مزاعم الناشطة اليمينية المتطرفة لورا لومر، الحليفة للرئيس دونالد ترامب، التي ادّعت أنّ “لاجئين فلسطينيين يدخلون الولايات المتحدة” عبر هذه التأشيرات.
منظمات: الأطفال هم الضحايا
منظمة هيل بالستاين (HEAL Palestine)، التي ترعى برامج علاجية للأطفال المصابين في غزة، أكدت أن التأشيرات لا تُستخدم لإعادة توطين لاجئين، وإنما لتمكين الأطفال الجرحى من الحصول على علاج طبي غير متاح في القطاع.
وقالت المنظمة في بيان: “نحن نجلب الأطفال المصابين بجروح خطيرة إلى الولايات المتحدة بتأشيرات مؤقتة لتلقي العلاج الطبي الضروري، وبعد استكمال العلاج يعودون مع عائلاتهم إلى الشرق الأوسط”.
إلى جانب “هيل بالستاين”، أعرب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) وجمعية إغاثة أطفال فلسطين عن رفضهما للقرار، محذّرين من أنّه قد يحرم مئات الأطفال من فرصة النجاة، في ظل انهيار المنظومة الصحية بغزة جراء الحرب.
أرقام ودلالات
بحسب بيانات الخارجية الأمريكية، تم إصدار أكثر من 3800 تأشيرة زيارة قصيرة الأجل (B1 وB2) منذ بداية 2025 لحاملي وثائق السلطة الفلسطينية، بينهم 640 تأشيرة في مايو الماضي وحده. ورغم قرار التجميد الأخير، أقرت الخارجية بإصدار “عدد محدود جدًا” من التأشيرات الطبية والإنسانية في الأيام الأخيرة، دون الإفصاح عن أرقام محددة.
جدل سياسي
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أكد أن القرار جاء في إطار مراجعة “مخاوف أمنية” أثارها بعض أعضاء الكونغرس حول ما وصفوه بـ”علاقات مع التطرف”. غير أن المنتقدين اعتبروا هذه المخاوف ذريعة سياسية تأتي في سياق حملة انتخابية داخلية مشحونة.
في المقابل، شدّد حقوقيون على أن ربط ملف إنساني بحت باعتبارات سياسية وأمنية، يهدد حياة الأطفال في غزة، التي تعاني من دمار واسع النطاق بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، والذي خلّف عشرات الآلاف من الضحايا وفتح باب الاتهامات ضد إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية أمام محكمتين دوليتين.
تداعيات إنسانية
المنظمات الحقوقية ترى أنّ القرار الأمريكي لا يفاقم فقط معاناة الجرحى، بل يرسل رسالة سلبية بشأن الالتزام بالقيم الإنسانية، في وقت يحتاج فيه أطفال غزة إلى تضامن عالمي حقيقي أكثر من أي وقت مضى.