شهد شمال غانا واحدة من أسوأ موجات العنف القبلي خلال السنوات الأخيرة، بعدما اندلعت مواجهات دامية يوم 24 أغسطس/آب 2025 في قرية غبينييري الواقعة بمنطقة السافانا قرب الحدود مع ساحل العاج، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 31 شخصاً، وفق ما أعلنت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث.
نزاع أراضٍ يتحول إلى مأساة
بدأت الأزمة إثر خلاف على قطعة أرض باعها زعيم محلي لمطور خاص من دون الحصول على موافقة سكان المجتمع المحلي. وعندما حاول المطور دخول الأرض وبدء الأشغال، واجه معارضة شديدة من السكان الذين اعتبروا العملية اعتداءً على حقوقهم، فتطور النزاع بسرعة إلى مواجهات عنيفة بين مجموعات قبلية متعددة.
الأحداث بلغت ذروتها عندما أقدم محتجون غاضبون على إحراق قصر الزعيم المحلي المتهم بالضلوع في عملية البيع، ما أجج التوتر وأدى إلى سقوط ضحايا بالعشرات.
نزوح داخلي وخارجي
تسببت أعمال العنف في نزوح جماعي، حيث أجبرت نحو 48 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال على ترك منازلهم. وأكد وزير الداخلية الغاني، مبارك مونتاكا، أن حوالي 13,253 شخصاً عبروا الحدود ولجأوا إلى ساحل العاج المجاورة، وتوزعوا على 17 قرية حدودية في إقليم بونكاني.
وقال فيليب هين، رئيس المجلس الإقليمي في بونكاني، إن هذه القرى تعاني أصلاً من ضغوط إنسانية متزايدة، إذ تستضيف نحو 30 ألف لاجئ من بوركينا فاسو الفارين من هجمات الجماعات المسلحة هناك.
تدخل أمني عاجل
في مواجهة خطورة الوضع، سارعت الحكومة الغانية إلى نشر أكثر من 700 عنصر من الجيش والشرطة لاحتواء التوتر وفرض الأمن، كما فرضت السلطات المحلية حظراً للتجول في المناطق المتضررة للحد من انتشار العنف.
وأعلنت وزارة الداخلية تشكيل لجنة تحقيق رسمية للوقوف على أسباب النزاع، وتحديد المسؤوليات، والعمل على إطلاق مسار للمصالحة بين الأطراف المتنازعة، في محاولة لتفادي تجدد الأحداث.
خلفية أوسع
تعد النزاعات القبلية حول ملكية الأراضي والخلافات المرتبطة بالزعامات التقليدية ظاهرة متكررة في شمال غانا، غير أنها عادة ما تكون محدودة النطاق. إلا أن حادثة غبينييري الأخيرة تميزت باتساع رقعتها وخسائرها الكبيرة في الأرواح والنزوح، ما جعلها من أبرز الأزمات القبلية التي عرفتها البلاد خلال الأعوام الأخيرة.
ويرى محللون أن هشاشة البنية الاجتماعية في بعض المناطق الحدودية، إلى جانب الضغوط الاقتصادية وتدخل المصالح الخاصة، كلها عوامل تزيد من احتمالية اندلاع نزاعات مشابهة في المستقبل ما لم تُعالج جذورها بشكل شامل.