من جهاز رقابي إلى وزارة دولة: المفتشية العامة لمصالح الدولة والجماعات المحلية في قلب الإصلاحات

بقلم الصحفي منير قوعيش

تشهد الجزائر في السنوات الأخيرة سلسلة من الإصلاحات العميقة التي مست أجهزة الدولة ومؤسساتها، من أجل تكريس الشفافية، تعزيز الرقابة، ومحاربة الفساد. ومن بين أبرز هذه التحولات، ترقية المفتشية العامة لمصالح الدولة والجماعات المحلية من جهاز رقابي يتبع رئاسة الجمهورية إلى وزارة دولة قائمة بذاتها يقودها الوزير إبراهيم مراد، وهو تطور يحمل في طياته أبعاداً سياسية ومؤسساتية هامة.

لماذا هذا التحول؟

القرار لم يكن مجرد إجراء تنظيمي، بل خطوة مدروسة لأسباب متعددة، أبرزها:

رفع المكانة السياسية للمفتشية، إذ أصبح الوزير ممثلاً في مجلس الوزراء، ما يمنح الجهاز صوتاً ووزناً أكبر.

توسيع الصلاحيات الميدانية، بحيث لم تعد التقارير مجرد توصيات بل باتت قرارات ملزمة يمكن أن تترجم على أرض الواقع.

تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، في إطار التوجه الجديد الذي جعل الرقابة سياسة دولة وليست مجرد تقارير إدارية.

تحسين التنسيق مع الجماعات المحلية، حيث باتت العلاقة بين المفتشية والولاة ورؤساء البلديات أكثر وضوحاً وإلزامية.

إبراز الاستقلالية المؤسساتية، عبر تجنب تضارب المصالح مع وزارات أخرى مثل وزارة الداخلية.

مهام الوزارة وصلاحياتها

أنيطت بالوزارة الجديدة عدة مهام أساسية، من بينها:

التفتيش الاستعجالي والدائم لمصالح الدولة والجماعات المحلية.

مراقبة تنفيذ السياسات العمومية وتقييم فعاليتها.

متابعة المشاريع الاستثمارية الكبرى وضمان نجاعة استغلال المال العام.

التأكد من تنفيذ القرارات الرئاسية والحكومية ميدانياً.

إرسال بعثات ميدانية للتواصل المباشر مع المواطنين والتأكد من مستوى الخدمات.

إعداد تقارير دقيقة ترفع إلى السلطات العليا.

لعب دور أساسي في محاربة الفساد وترسيخ مبادئ الحكامة الرشيدة.

إن تحويل المفتشية إلى وزارة دولة ليس مجرد تغيير في التسمية، بل رسالة سياسية واضحة بأن الدولة ماضية في مسار الإصلاح، وأن مكافحة الفساد وسوء التسيير أصبحت أولوية وطنية. كما أن هذه الخطوة تعزز ثقة المواطن في أن الرقابة لم تعد حبيسة المكاتب، بل انتقلت إلى الميدان حيث تُقاس النتائج بالأثر المباشر على حياة الناس.

بذلك، تتحول المفتشية العامة من “عين الرئاسة” إلى رافعة مؤسساتية كبرى تعزز بناء دولة القانون والشفافية.

Exit mobile version