في مؤشر جديد على احتدام الصراع المبكر داخل المعسكر الجمهوري، ألقى نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس خطابًا لافتًا خلال اليوم الختامي لمؤتمر «أميركا فيست» في مدينة فينيكس بولاية أريزونا، بدا فيه وكأنه يضع نفسه علنًا في موقع الوريث السياسي المحتمل للرئيس دونالد ترامب قبل نحو عامين من انتخابات 2028.
المؤتمر، الذي نظمته منظمة «تورنينغ بوينت يو إس إيه» المعروفة بترويج الفكر المحافظ داخل المدارس والجامعات الأمريكية، شكّل منصة مثالية لفانس من أجل مخاطبة القاعدة الشبابية لتيار ترامب، وترسيخ حضوره كأحد أبرز وجوه حركة «ماغا» في مرحلة ما بعد ترامب.
وخلال خطابه، أكد فانس انتماءه الواضح للخط السياسي الترامبي، لكنه سعى في الوقت نفسه إلى تقديم رؤية أيديولوجية أكثر تماسكًا، تقوم على القومية الأمريكية والمسيحية المحافظة، مع تركيز لافت على الهوية البيضاء، في خطاب حمل ملامح حملة انتخابية مبكرة.
ورغم أن فانس لم يعلن رسميًا ترشحه للرئاسة، فإن تحركاته الأخيرة، إلى جانب الدعم الذي تلقاه من إريكا كيرك، رئيسة منظمة «تورنينغ بوينت» بعد اغتيال مؤسسها تشارلي كيرك، تعزز الانطباع بأن حملته بدأت فعليًا. ويكتسي هذا الدعم أهمية خاصة نظرًا لقدرة المنظمة على الحشد والتعبئة داخل الأوساط المحافظة الشابة.
ويحرص فانس على تقديم نفسه بوصفه الامتداد الطبيعي لمشروع ترامب، لكن بأسلوب مختلف. فبينما اعتمد ترامب طوال مسيرته على الصدام والإثارة، يسعى نائبه إلى بناء مشروع فكري متكامل، يضع القومية المسيحية في صلب الهوية الأمريكية، ويرى في العولمة والتعدد الثقافي تهديدًا مباشرًا لتماسك المجتمع.
وفي هذا السياق، أثار فانس جدلًا واسعًا عندما قال في خطابه: «لستم مضطرين إلى الاعتذار لأنكم بيض»، في عبارة اعتبرها مراقبون انعكاسًا واضحًا لخطاب اليمين المتطرف، ورسالة موجهة إلى قاعدة محافظة ترى نفسها مستهدفة من قبل النخب الليبرالية والأقليات.
وتتضمن رؤية فانس السياسية تشديد القيود على الهجرة، واعتماد سياسات اقتصادية حمائية، والدفاع عن الولايات المتحدة بوصفها دولة ذات جذور مسيحية محافظة، وهي أفكار تلقى صدى واسعًا لدى قطاعات من الناخبين الجمهوريين، لكنها في المقابل تثير مخاوف داخل دوائر صنع القرار في واشنطن.
ففي حين لا يبرز حتى الآن منافسون أقوياء قادرون على تحدي فانس داخل المعسكر الترامبي، تشير معطيات إلى وجود معارضة خفية لترشيحه، ليس لضعف حظوظه، بل لكونه المرشح الأكثر قدرة على استنساخ مشروع ترامب بالكامل، وهو ما قد لا ترغب به بعض الأجنحة الجمهورية على المدى الطويل.
وبين دعم قاعدي متنامٍ، وتردد داخل المؤسسة السياسية، تبدو معركة خلافة دونالد ترامب قد انطلقت مبكرًا، مع تموقع جي دي فانس في قلبها كأحد أبرز المرشحين لقيادة اليمين المحافظ الأمريكي في مرحلة ما بعد 2028.
المحرر ش ع
المصادر
-
موقع فرانس24
-
وكالة فرانس برس (AFP)
-
تصريحات جي دي فانس خلال مؤتمر «أميركا فيست»
-
تقارير وتحليلات إعلامية أمريكية
