الرباط – قال الكاتب المغربي أنس السبطي, أن المتأمل في مغرب ما بعد ديسمبر 2020, تاريخ التطبيع مع الكيان الصهيوني, يلاحظ أنه “فقد زمام أمره وتحول إلى ألعوبة في يد السيد الصهيوني, حيث بلغت وقاحته الاعتراض على الحراك الشعبي ضده وتوبيخه المستمر للسلطة المخزنية بسببه”, مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تتصاعد فيه دعوات مقاطعة هذا الكيان المحتل في العالم يصر المخزن على هذا العار الذي لن تطويه صفحات التاريخ.
وأوضح أنس السبطي في مقال له تحت عنوان: “ما الفرق بيم ميناء طنجة و ميناء حيفا؟”, أن “الكيان الصهيوني بعد أن امتلك حرية التصرف في كل مقدرات البلاد بطولها وعرضها, والتي أمست مستباحة له, فإنه ابتدع مزارات يهودية أضفى عليها قدسية كاذبة وتوغل في الأحياء العريقة وأضحت المنتجعات المغربية مستراحا لأصناف من عتاة مجرميه”.
وحتى الثكنات العسكرية المغربية – يضيف الكاتب – “اعتاد الضباط الصهاينة على دخولها, واليوم تريح السفن الحربية في موانئ المغرب وتتزود فيها بما يلزمها من مؤن ومن وقود في أريحية تامة كأنها ترسو في أحد موانئ فلسطين المحتلة” متسائلا: “هل أصبح هناك فرق ملموس بين ميناء طنجة وميناء حيفا؟”.
وتوقف الكاتب المغربي في مقاله مطولا عند الخبر الذي قال أنه “صدم الشعب المغربي” و هو “سماح السلطة المغربية للسفينة الصهيونية بالرسو في ميناء طنجة الدولي قبل استئناف رحلتها نحو إرهابها لأهل غزة بأطنان من الأسلحة والمتفجرات, والتي حولت أجسادهم الطاهرة إلى أشلاء, مخلفة دمارا هائلا ينتمي إلى زمن الحرب العالمية الثانية”.
وحسب الكاتب, فإن “المغرب بعد هذه الحادثة تحول رسميا إلى شريك في الحملة الإرهابية الصهيونية على القطاع الصامد”, مشددا على أنه “لو كانت هناك عدالة دولية لكان لزاما أن يجر المسؤولون للمحاكم (..)”.
ويرى أنس السبطي, أن “عدم رفع الظلم عن المظلوم أو استنكاره كأضعف الإيمان هو فعل غير أخلاقي يحط من قدر الإنسان”, فكيف – يضيف – “إن كان النظام الحاكم يسند هذا الظلم؟ وإن كان ضحاياه ينتمون للنسيج الثقافي العربي والإسلامي والذين كلفوا المغرب برئاسة لجنة قضيتهم المقدسة”, مستدركا بالقول: “لكن مسؤولي المغرب اختاروا أن يديروا ظهرهم وأن يعمقوا الصلة بمن ينتهك فلسطين ومن ينتهك حرمات الشعب الذي يحرسها؟”.
== التطبيع المخزني- الصهيوني عار أبدي لن تطويه صفحات التاريخ ==
كما أكد أنس السبطي أن رفض اسبانيا لاستقبال السفينة الصهيونية في ميناء إحدى مدنها الساحلية, وقبول المغرب لذلك “أمر مخجل”, حيث قال: “ظهر النظام المغربي بمظهر المرتزق الذي يقبل على نفسه لعب أي دور مهما كان قذرا وهو ما ترفضه الأنظمة التي تحترم نفسها”.
و يرى أنه “في الوقت الذي تتصاعد فيه دعوات مقاطعة الكيان في صفوف مختلف شعوب العالم والذي باتت فيه الأنظمة الداعمة له تجتهد لتلطيف خطابها وتبييض صورتها حتى تتهرب من تحمل مسؤولية جزء من فظائعه, أبى النظام المخزني إلا أن يلصق هذا العار الأبدي به والذي لن تطويه صفحات التاريخ”.
كما يرى ذات الكاتب, أنه على الرغم من أن المسؤولين الصهاينة خذلوا المخزن, فإن المغرب الرسمي يحافظ على علاقته وتعامله الاستخباراتي والعسكري المكثف مع الكيان الصهيوني فمسؤولي المخزن “يتصرفون كالعبد الذي لا يبرح الأبواب ولا يستسلم لإهانات سيده, ويعيشون على سراب تلبية مطامحهم السياسية عبر البوابة الصهيونية, كما أن تعلقهم به مرتبط في الدرجة الأولى بالتماس الحماية الخارجية من أجل شرعنة بقائهم”.
وحسب ذات الكاتب, فإن “النظام المخزني منسجم مع عقيدته السياسية القائمة على الولاء الخارجي وذلك منذ الحماية الفرنسية-الإسبانية له (..)”, لافتا إلى أنه “اليوم و في عصر تعدد الأقطاب أضحى الحل الأسلم للعقل المخزني المحدود الذي عجز عن إيجاد أساليب دبلوماسية تحافظ على استقلاليته وتضمن مصالحه, هو التبعية المطلقة للكيان الصهيوني وهذه المرة دون وساطة من أحد حتى يحفظ وجوده ويمنع عن نفسه الشعور باليتم السياسي”.
وتابع يقول: “المفارقة تكمن في تنافر الموقف الرسمي والشعبي, فالمغاربة الذين هبوا للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة بالمئات من الفعاليات الحاشدة على مدار كل أسبوع يكافئهم نظامهم السياسي بالإمعان في خدمة الكيان الإجرامي وهو في ذروة توحشه, والذي لم يكلف نفسه عناء التخفيف من مؤازرته له ولو مؤقتا”.
وفي الختام أكد أنس السبطي, أنه “وإن توقع الشعب المغربي هذا المسار التنازلي من سلطتهم السياسية التي خبروا ممارساتها جيدا, فإن حجم جرأتها بتوريط بلدهم في واحد
ة من أبشع حروب العصر الحديث يظل أمرا صادما بالنسبة لهم”.وأج