تبدأ في المملكة العربية السعودية يوم الإثنين المحادثات الدولية لمكافحة التصحر واستصلاح الأراضي المتدهورة، في مؤتمر يُنظم برعاية الأمم المتحدة. وتستمر المحادثات في إطار الدورة السادسة عشرة لمؤتمر أطراف الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر (كوب 16)، التي تكتسب أهمية خاصة في وقت تتزايد فيه التحديات البيئية على مستوى العالم. وقد حذر العلماء في تقاريرهم الأخيرة من أن الزراعة غير المستدامة وإزالة الغابات يمثلان تهديدات كبيرة للأراضي الزراعية والأنظمة البيئية بشكل عام.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وصف هذه المحادثات بـ “اللحظة الحاسمة” لحماية واستصلاح الأراضي، مشيرًا إلى أن التصحر وتدهور التربة باتا من أبرز التحديات التي تواجه البشرية، خصوصًا في ظل تغير المناخ. وقال غوتيريس إن اجتماع كوب 16 يشكل فرصة حاسمة لمكافحة التصحر والتعامل مع الجفاف الذي يعاني منه العديد من البلدان.
في هذا السياق، أكد إبراهيم ثياو، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، في تقرير للأمم المتحدة، أن “فشلنا في الاعتراف بدور الأرض قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات البيئية والاجتماعية ويؤثر سلبًا على الأجيال القادمة”. وأضاف أن تدهور الأراضي ينعكس بشكل مباشر على إنتاجية الأرض الزراعية، مما يؤدي إلى نقص الغذاء ويعزز الهجرة الجماعية من المناطق المتأثرة. ويعتبر التصحر، الذي يشكل أسوأ أشكال تدهور الأراضي، أحد أكبر التحديات البيئية في القرن الواحد والعشرين.
وتواجه المملكة العربية السعودية، التي تعد واحدة من أكبر الصحاري في العالم، تحديات كبيرة في هذا المجال. وقد أعلن وكيل وزارة البيئة السعودي، أسامة فقيها، عن خطط لاستصلاح 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في المملكة. وأضاف فقيها أن المملكة تعمل على تنفيذ مشاريع لاستعادة الأراضي المتدهورة من خلال مجموعة من الإجراءات مثل زراعة الأشجار، حماية الغابات، وتوسيع نطاق المحميات الطبيعية.
وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرضت لها السعودية في مؤتمرات سابقة بشأن موقفها من الطاقة والوقود الأحفوري، فإن المملكة تبذل جهودًا كبيرة لمكافحة التصحر، وهو ما يعد جزءًا من استراتيجيتها لتحقيق التنمية المستدامة. وتستهدف الرياض استعادة “عدة ملايين من الهكتارات” بحلول عام 2030، وقد أحرزت تقدمًا في هذا المجال، حيث تمت استعادة نحو 240 ألف هكتار حتى الآن.
إلى جانب ذلك، تركز المحادثات التي تجري في الرياض على ضرورة تسريع استصلاح الأراضي وتطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة الجفاف. ويشدد المشاركون في المؤتمر على أهمية التعاون الدولي في مواجهة هذه التحديات البيئية التي تؤثر على الجميع، سواء في البلدان النامية أو المتقدمة. وقد أشار ثياو إلى أن “الأمن العالمي مهدد فعلاً”، وأن تصاعد التصحر يؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي في العديد من المناطق حول العالم.
وفي الوقت نفسه، انتقد بعض الخبراء المحادثات الجارية، حيث وصفها البعض بأنها “جزء من مسرحية مؤتمر المناخ” التي لا تستطيع إحداث التغيير الفعلي في معالجة الأزمات البيئية. وأعرب أثيو آرتشر، مؤلف كتاب “غير مستدام”، عن تشككه في أن تسفر المحادثات عن حلول عملية ملموسة لمشكلة التصحر.
لكن ورغم هذه الانتقادات، يظل كوب 16 فرصة حاسمة للضغط على الحكومات والمجتمع الدولي لإيجاد حلول فعالة للتصحر، الذي يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن البيئي والغذائي على حد سواء. ش ع