قد تدخل فرنسا في أزمة سياسية جديدة في حال صوت حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف والجبهة الشعبية الجديدة اليسارية لصالح قانون سحب الثقة من حكومة ميشيل بارنييه. تشير المؤشرات الحالية إلى فرضية كبيرة لحجب الثقة، إلا إذا قدم بارنييه تنازلات إضافية على الصعيدين السياسي والاقتصادي لصالح مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني، التي تمثل اليوم عنصراً أساسياً قد تغير موازين هذه “اللعبة”. فما هي السيناريوهات المحتملة في حال سقطت الحكومة؟
حجب الثقة: التهديد الأبرز
أعلن جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، في تصريحات له صباح الإثنين أنه “ما لم تحدث معجزة”، سيصوت حزبه لصالح سحب الثقة من حكومة بارنييه، خاصة إذا لجأ الأخير إلى قانون 49.3 لتمرير قانون تمويل الضمان الاجتماعي المثير للجدل دون تصويت نواب الجمعية الوطنية. وقد سبق لبارنييه أن قدم تنازلات عدة لإرضاء لوبان، منها عدم رفع تسعيرة الكهرباء بنسبة 14%، إلا أنه يجد نفسه أمام طريق مسدود مع اليمين المتطرف الذي يطالب بمزيد من التنازلات.
السيناريوهات الممكنة في حال سقوط الحكومة
إذا فشلت حكومة بارنييه في مواجهة تصويت حجب الثقة، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يجد نفسه مضطراً لاختيار بديل لبارنييه من أجل تمرير ميزانية 2025 قبل نهاية العام. هناك خيار آخر يتمثل في منح بارنييه فرصة جديدة لتشكيل حكومة، لكن هذا الخيار قد يواجه نفس المشاكل في غياب غالبية حزبية واضحة في الجمعية الوطنية.
حسابات المعارضة: جبهة موحدة لإسقاط الحكومة
من أجل إسقاط حكومة بارنييه، يجب أن يحصل قانون سحب الثقة على موافقة 289 نائباً على الأقل من الجمعية الوطنية. في هذا السياق، من المتوقع أن يصوت نواب الجبهة الشعبية الجديدة، بقيادة جان لوك ميلنشون، وكذلك نواب التجمع الوطني، لصالح سحب الثقة. وبتحليل الأرقام، يتبين أن العدد الإجمالي لنواب هذين الحزبين يصل إلى 335 نائباً، وهو ما يجعل الإطاحة بالحكومة محتملاً.
المواقف السياسية: لعبة خطرة
تسعى مارين لوبان وجان لوك ميلنشون إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد، ويطالب كلاهما الرئيس ماكرون بالاستقالة، معتبرين أن وجوده في منصبه يمثل عقبة رئيسية أمام تسوية الوضع السياسي في فرنسا. في المقابل، أكد ماكرون أنه لن يستقيل وسيكمل حتى نهاية ولايته الرئاسية في 2027، حيث لا توجد مادة دستورية تجبره على الاستقالة في ظل الظروف الحالية.
التداعيات الاقتصادية والسياسية
في حال سحب الثقة من حكومة بارنييه، يعتقد بعض المحللين أن الوضع السياسي والاقتصادي في فرنسا قد يتدهور، مما قد يؤدي إلى ما يسمى “الإغلاق السياسي”، حيث قد تفشل الحكومة في تمرير ميزانية 2025، مما يهدد تمويل المشاريع الاقتصادية ودفع أجور الموظفين. بينما يرى آخرون أن أسوأ السيناريوهات قد تتضمن اعتماد الميزانية نفسها من العام 2024 أو تمويل المشاريع من خلال مراسيم حكومية.
الخلاصة
يبدو أن فرنسا تتجه نحو مرحلة من عدم اليقين السياسي، حيث يهدد حجب الثقة من الحكومة بتعقيد الوضع السياسي بشكل أكبر. في ظل هذه الأجواء المتوترة، ستظل الأنظار متوجهة نحو البرلمان الفرنسي والقرارات المصيرية التي قد تحدد مصير حكومة بارنييه ومستقبل الرئيس ماكرون. ش ع