كوريا الجنوبية: تراجع الرئيس يون سوك-يول عن فرض الأحكام العرفية بعد تصويت البرلمان
في تطور مفاجئ ومثير للجدل، أعلن رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك-يول، تراجعه عن فرض الأحكام العرفية التي كانت قد أُعلنت في وقت سابق من يوم الثلاثاء، 3 ديسمبر 2024. القرار جاء بعد تصويت الجمعية الوطنية، التي تهيمن عليها المعارضة، لصالح رفع الأحكام العرفية، ما أدى إلى سحب الجيش الذي تم نشره لتطبيق هذه الإجراءات الاستثنائية. هذا التراجع يعكس حجم الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن، حيث شهدت البلاد احتجاجات واسعة من قبل المواطنين والمعارضة، فضلاً عن ردود فعل قلق من حلفاء كوريا الجنوبية الدوليين.
تطورات الأزمة السياسية
في خطوة أثارت استنكاراً داخلياً ودولياً، كان الرئيس يون قد أعلن عن فرض الأحكام العرفية في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، وهو أول إعلان من نوعه منذ أكثر من 40 عاماً. وفي خطاب متلفز، قال يون إن القرار جاء “لحماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثلها القوات الشيوعية”، مضيفاً أن الأحكام العرفية كانت ضرورية “للقضاء على العناصر المناهضة للدولة التي تنهب حرية الناس وسعادتهم”.
ورغم تبريرات الرئيس، فإن فرض الأحكام العرفية أثار موجة من الغضب في صفوف المعارضة التي اعتبرت هذه الخطوة “غير دستورية” و”باطلة”. وفي البرلمان، الذي سيطر عليه الحزب الديمقراطي المعارض، تم التصويت بالإجماع من قبل 190 نائباً من أصل 300 على قرار يقضي برفع الأحكام العرفية، وهو ما دفع الرئيس إلى التراجع في الساعات اللاحقة.
ردود فعل داخلية ودولية
كان لهذا التطور السياسي انعكاسات كبيرة على الشارع الكوري الجنوبي، حيث نزل المتظاهرون إلى الشوارع، لا سيما أمام مبنى البرلمان، احتجاجاً على الإجراءات الاستثنائية. وقال أحد المتظاهرين، لين جين-هوا، لوكالة الأنباء الفرنسية: “جئت لحماية ديمقراطيتنا بعد أن شاهدت دخول الجنود إلى البرلمان”.
أما على الصعيد الدولي، فقد أثار إعلان الأحكام العرفية قلقاً كبيراً بين حلفاء كوريا الجنوبية، وخاصة الولايات المتحدة، التي دعت السلطات إلى الالتزام بقرار البرلمان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل: “نأمل ونتوقع أن يتم الالتزام بالقوانين والقواعد المرعية في البلاد”، في إشارة إلى ضرورة احترام التصويت البرلماني. كما عبر المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عن متابعة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للوضع الذي “يتطور بشكل سريع”.
أزمة الميزانية والضغط السياسي
كان فرض الأحكام العرفية جزءاً من صراع سياسي حاد بين الرئيس وحزب المعارضة بشأن ميزانية الدولة. فقد قام نواب المعارضة باقتطاع نحو 4,1 تريليون وون (2,8 مليار دولار) من الميزانية المقترحة من قبل الرئيس، مما أدى إلى تعميق الخلافات بين الطرفين. واعتبر الرئيس يون أن هذا التصرف كان بمثابة تعطيل للوظائف الأساسية للدولة، متهمًا المعارضة بتحويل البلاد إلى “ملاذ آمن للمخدرات” وتشجيع الفوضى في النظام العام.
في هذا السياق، يرى البعض أن تراجع يون عن قرار فرض الأحكام العرفية هو نتيجة لضغوط محلية ودولية، إضافة إلى تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي الأخيرة، التي أظهرت انخفاضاً كبيراً في الدعم الشعبي لحكومته.
الخاتمة
بينما يسحب الرئيس يون الجيش ويقبل قرار البرلمان، يبقى مستقبل العلاقات السياسية في كوريا الجنوبية في مهب الريح. هذه الأزمة السياسية قد تشكل نقطة تحول في مسار الحكومة الكورية الجنوبية، وقد تفتح الباب لمزيد من التوترات بين الرئيس والمعارضة في الفترة المقبلة. ش ع