حقق مسبار “باركر” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) إنجازًا تاريخيًا جديدًا عشية عيد الميلاد، بوصوله إلى أقرب مسافة له على الإطلاق من الشمس، حيث بلغ بعده عنها 6.2 ملايين كيلومتر فقط. أُطلق المسبار في آب/أغسطس 2018 في مهمة تمتد لسبع سنوات، تهدف إلى دراسة الغلاف الجوي للشمس وتعميق الفهم العلمي للعواصف الشمسية وتأثيراتها على الاتصالات الأرضية.
أهداف المهمة
يركز مسبار “باركر” على محاولة الإجابة عن تساؤلات علمية جوهرية، أبرزها السبب وراء كون منطقة الغلاف الجوي للشمس (الإكليل) أكثر حرارة من سطح الشمس بنحو 200 مرة. كشفت البيانات الأولية التي أرسلها المسبار عام 2019 عن مدى فوضوية هذا الغلاف الجوي، مما أثار فضول العلماء لمزيد من الدراسات.
وقال أريك بوسنر، العالِم من برنامج “باركر سولر بروب”: “هذا مثال على مهام ناسا الجريئة التي تحقق إنجازًا لم يسبق لأحد أن قام به، للإجابة عن أسئلة قديمة بشأن كوننا”. وأضاف: “نتطلع لتلقي البيانات العلمية من المسبار في الأسابيع المقبلة”.
تفاصيل الرحلة
خلال اقترابه التاريخي، يتحرك “باركر” بسرعة تصل إلى 690 ألف كيلومتر في الساعة، وهي سرعة تعادل الانتقال من طوكيو إلى واشنطن في أقل من دقيقة. وتتحمل الدرع الحرارية للمسبار درجات حرارة قصوى تتراوح بين 870 و930 درجة مئوية، بينما تظل أدواته الداخلية محمية بحرارة تقارب 29 درجة مئوية، مما يتيح استكشاف الطبقة الخارجية من غلاف الشمس المعروف بالإكليل.
أهمية الإنجاز
يُتوقع أن تسهم هذه المهمة في تعزيز المعرفة العلمية المتعلقة بالعواصف الشمسية وآليات حدوثها، بما يساعد في تحسين توقعات الطقس الفضائي وتأثيراته على أنظمة الاتصالات والأقمار الصناعية على الأرض. وستكون البيانات التي يجمعها “باركر” مفيدة في فهم ديناميكيات الشمس وتأثيراتها على النظام الشمسي.
المستقبل
سيكون هذا الاقتراب الأول ضمن ثلاثة اقترابات مماثلة خلال الأشهر المقبلة. من المتوقع أن يكرر “باركر” إنجازه في 22 آذار/مارس و19 حزيران/يونيو 2025. ورغم فقدان الاتصال المباشر مع المسبار خلال هذه الاقترابات، ستتلقى فرق المهمة إشاراته بعد انتهاء كل مرحلة لتأكيد نجاحها.
خاتمة
يمثل مسبار “باركر” قفزة نوعية في استكشاف الفضاء ودراسة الشمس، حيث يواصل التحدي في بيئة قاسية للغاية. ومع كل اقتراب جديد، يقدم المسبار فرصة فريدة لفهم أفضل لواحدة من أعظم ألغاز الكون. ش ع