خلصت دراسة بحثية نشرتها مجلة “لانسيت” الطبية إلى أن حصيلة القتلى في قطاع غزة خلال الأشهر التسعة الأولى من الحرب بين إسرائيل وحماس تتجاوز بكثير الأرقام الرسمية التي أعلنتها وزارة الصحة في غزة. فقد قدرت الدراسة أن عدد القتلى تراوح بين 55,298 و78,525 شخصاً، مما يشير إلى زيادة تقدر بنحو 40% مقارنة بالأرقام الرسمية التي أفادت بتسجيل 37,877 قتيلاً حتى نهاية يونيو 2024.
وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت في منتصف 2024 أن الحصيلة النهائية للحرب بلغت 37,877 قتيلاً، ولكن الدراسة الجديدة التي استندت إلى مجموعة من البيانات المختلفة من بينها القوائم التي توفرها الوزارة، بالإضافة إلى استطلاعات عبر الإنترنت وبيانات من النعي على مواقع التواصل الاجتماعي، خلصت إلى أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى بكثير.
تم استخدام منهج “capture-recapture” في التحليل الإحصائي، وهو أسلوب يستخدم لتقدير عدد القتلى في النزاعات المسلحة. كما أظهرت النتائج أن أكثر من 59% من القتلى كانوا من النساء والأطفال والمسنين، مما يسلط الضوء على تأثير الحرب الكبير على الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.
الدراسة أكدت أن هذه الأرقام لا تشمل الوفيات غير المباشرة التي قد تكون ناتجة عن نقص الرعاية الصحية أو الغذاء أو المياه. كذلك، لم تشمل الدراسة المفقودين الذين يُعتقد أنهم مدفونون تحت الأنقاض جراء الهجمات المتواصلة.
من جانبهم، أشار الخبراء إلى أن الحصيلة الفعلية قد تكون أكبر بكثير بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها السكان في غزة، حيث يعانون من نقص حاد في الموارد الأساسية من طعام وماء ورعاية صحية، بالإضافة إلى تفشي الأمراض نتيجة الأوضاع المأساوية. وفي هذا السياق، تواصل الأمم المتحدة تحذيراتها بشأن الوضع الإنساني في القطاع وتؤكد أن العديد من الضحايا قد لا يتم توثيقهم بسبب تدمير البنية التحتية وغياب التواصل في بعض المناطق.
الدراسة أثارت الكثير من الجدل، حيث من المتوقع أن تواجه انتقادات من مختلف الأطراف المتورطة في النزاع. لكن معدي الدراسة أكدوا على ضرورة التركيز على الأعداد الحقيقية للضحايا بغض النظر عن الجدل السياسي الذي قد يرافق هذه الأرقام. كما أشاروا إلى أن الهدف من الدراسة ليس فقط إثبات أعداد القتلى، ولكن أيضا تسليط الضوء على الوضع الإنساني المأساوي في غزة، الذي لا يزال في تدهور مستمر مع استمرار القصف والحصار.
وفيما يبقى عدد القتلى الرسمي في تزايد مستمر، تظل حقيقة الوضع الإنساني في غزة محط أنظار العالم، ويأمل الكثيرون أن تساهم الدراسات مثل هذه في تحسين الظروف الإنسانية وتقديم الدعم اللازم للمتضررين من النزاع. ش ع