
قال خبراء ومحللون سياسيون إن المفاوضات الجارية بشأن صفقة تبادل الأسرى بين حركة “حماس” وإسرائيل دخلت “مرحلة معقدة” بعد الرفض الرسمي الذي أبدته الحركة تجاه المقترح الأميركي الأخير الذي قدمه المبعوث الخاص ستيفن ويتكوف، وسط اتهامات بأن الخطة تميل بوضوح لصالح المطالب الإسرائيلية.
وفيما لا تزال الأوضاع الإنسانية تتدهور في قطاع غزة تحت وطأة العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة، اعتبر محللون أن الرد الأميركي الغاضب على موقف حماس، وتصريحات ويتكوف التي وصف فيها الرد بـ”غير المقبول إطلاقًا”، يشير إلى محاولة فرض واقع تفاوضي جديد عنوانه: “القبول الكامل أو العودة إلى نقطة الصفر”.
مقترح “بلا هامش للمناورة”
الخبير بالشؤون الإسرائيلية، د. مهند مصطفى، قال في تصريح خاص إن المقترح الأميركي الجديد “يقترب بنسبة 95% من الشروط الإسرائيلية”، موضحًا أن إسرائيل وافقت عليه فعليًا قبل طرحه، في حين لم يُمنح الجانب الفلسطيني أي مجال للتفاوض أو التعديل.
وأضاف مصطفى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– لا يرغب في إعلان موافقته رسميًا، ويفضل تحميل حماس مسؤولية فشل الصفقة في حال استمرارها برفض المقترح، الأمر الذي يخفف من الضغط السياسي والشعبي عليه، خاصة من أطراف اليمين الإسرائيلي.
واشنطن… وسيط غير محايد
من جهته، اعتبر الباحث السياسي د. لقاء مكي أن “الولايات المتحدة لا تمثل وسيطًا نزيهًا في هذا المسار، بل تمارس دور الوسيط القوي المتمركز في الموقف الإسرائيلي”، مضيفًا أن الخطة تم إعدادها مسبقًا بالتنسيق مع تل أبيب، وطرحت على حماس كعرض نهائي غير قابل للتعديل.
وأوضح مكي أن حركة حماس باتت بين خيارين شديدي الصعوبة: إما القبول بالمقترح كما هو، وهو ما يعني التنازل عن عدة شروط أساسية، أو الرفض ومواجهة مزيد من الضغط السياسي والعسكري، مع ما يحمله ذلك من تبعات على الأرض.
المعركة الميدانية… الكمائن بدلاً من المواجهة
في الجانب العسكري، أكد اللواء فايز الدويري، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الاحتلال الإسرائيلي كثف من ضرباته تجاه قيادات الصف الأول في المقاومة، ما تسبب في خسائر بشرية مؤثرة، لكنه أشار إلى أن “المقاومة طورت تكتيكاتها، وانتقلت إلى مرحلة حرب العصابات، والاعتماد على الكمائن عوضًا عن المواجهات المباشرة”.
وبيّن الدويري أن نقطة ضعف المقاومة لا تكمن في العتاد أو التنظيم، بل في الضغط الإنساني الهائل على السكان، موضحًا أن إسرائيل تعمل على إحداث قطيعة نفسية وجغرافية بين المقاومة والمجتمع، عبر سياسة “القتل بالجوع والحرمان”.
لا نهاية للمفاوضات… لكنها تراجعت
ورغم حدة التصريحات الأخيرة، فإن المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف ألمح إلى أن المفاوضات لم تُغلق بعد. وقال في تغريدة عبر منصة “إكس”: “رفض حماس للمقترح سيعيدنا إلى الوراء، لكنه لن ينهي المسار التفاوضي بالكامل”.
واعتبر د. لقاء مكي أن هذا التصريح يحمل إشارة واضحة إلى أن واشنطن لا تزال ترى أن الحل التفاوضي ضروري، لكنها تسعى إلى فرض شروطه كاملة على الطرف الفلسطيني.
خلفية
كان ويتكوف قد تقدم بمقترح لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة، يتضمن إطلاق سراح رهائن إسرائيليين مقابل إفراج مرحلي عن أسرى فلسطينيين، دون أن يتضمن –بحسب مصادر مطلعة– التزامًا واضحًا بوقف دائم للحرب أو الانسحاب من القطاع، وهما مطلبان أساسيان لحماس.
ومنذ انطلاق الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2024، شهدت المنطقة عدة محاولات وساطة، لم تثمر عن نتائج دائمة، في ظل تباعد واضح بين الحد الأدنى الذي تقبله إسرائيل، والمطالب التي تصر عليها المقاومة الفلسطينية. ش علي
wzhlekjxuysrqruxhvvpsjedejpywd