دولي

إيران على عتبة أزمة نووية جديدة: هل تنذر العودة للتخصيب بمواجهة عسكرية جديدة؟

واشنطن – تقارير دولية | في ظل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، أعاد استئناف إيران المحتمل لأنشطة تخصيب اليورانيوم النقاش إلى الواجهة حول مستقبل الملف النووي الإيراني، وسط تحذيرات من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة عسكرية جديدة بين طهران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى.

وبحسب ما نقله المحلل الأميركي غريغ بريدي، فإن الحملة العسكرية التي قادتها واشنطن وتل أبيب ضد المنشآت النووية الإيرانية على مدار 12 يومًا، والتي بلغت ذروتها في 21 يونيو بهجمات دقيقة نفذتها قاذفات B-2 الأميركية وصواريخ كروز، قد ألحقت أضرارًا ملموسة بمواقع نطنز وفوردو وأصفهان. ومع ذلك، لم تؤد هذه الضربات – وفق تقييم استخباراتي أميركي – إلى تدمير كامل للبرنامج، بل أعادت تطوره عدة أشهر إلى الوراء فقط.

نجاح عسكري لا يضمن توازنًا استراتيجيًا

يرى بريدي، الباحث في مركز The National Interest، أن ما تحقق عسكريًا لا يترجم بالضرورة إلى استقرار سياسي أو ردع دائم، محذرًا من أن إيران لا تزال تمتلك ورقة ضغط قوية متمثلة في مخزون من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب من حدود الاستخدام العسكري.

وفي قمة حلف شمال الأطلسي الأخيرة بـ”لاهاي”، لمّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أن بلاده لن تتردد في شن ضربات جديدة إذا ما أعادت طهران بناء منشآت التخصيب، وقال في تصريح مقتضب: “أكيد”.

هل يعود شبح الاتفاق النووي؟

في المقابل، يعترف ترامب – ولو ضمناً – بأن استئناف المفاوضات مع إيران بات ضروريًا، رغم الضغوط السياسية الداخلية، خاصة بعد تسريب تقرير استخباراتي في 24 يونيو يشير إلى أن الحملة الجوية لم تحقق الأثر الدائم المنشود، وأن إيران ما تزال قادرة على إعادة تفعيل برنامجها في مواقع سرية.

ويحذر بريدي من أن أي حملة عسكرية محدودة لن تكون كافية لوقف المشروع النووي الإيراني، وأن السبيل الوحيد لضمان شفافية طويلة الأمد هو إقناع إيران بالعودة إلى اتفاق مشابه لـ”خطة العمل الشاملة المشتركة” التي أُبرمت عام 2015، لكن مع ضمانات مشددة ومراقبة دقيقة لمخزون اليورانيوم.

إسرائيل تمسك بزمام المبادرة العسكرية

تشير التطورات الأخيرة إلى أن إسرائيل أرست سابقة جديدة بشأن اتخاذ قرارات الحرب بمعزل عن واشنطن، في حين تبقى الولايات المتحدة الضامن العسكري الداعم في حال تطلب الأمر. هذا الواقع يزيد من تعقيد المشهد ويقلل من هامش المناورة الدبلوماسية الأميركية.

خيارات محدودة أمام واشنطن

يرى بريدي أن إدارة ترامب تقف الآن أمام خيارين لا ثالث لهما:

  • التخلي عن المواقف المتشددة وقبول تخصيب محدود تحت رقابة صارمة،

  • أو الانجرار نحو جولات متكررة من الضربات العسكرية التي قد تعزز عزلة إيران لكنها لن تقضي نهائيًا على طموحها النووي.

وفي ظل مؤشرات من استطلاعات الرأي – كاستطلاع شبكة CNN الذي أظهر أن 56% من الأميركيين يعارضون العمل العسكري ضد إيران – يبدو أن ترامب قد يجد نفسه مضطرًا لمقاربة أكثر مرونة، لا سيما مع اقتراب استحقاقات انتخابية كبرى عامي 2026 و2028.


 إيران لم تُهزم بعد.. والمواجهة لم تُحسم

رغم الضربات، فإن إيران لا تزال تمسك بأوراق تفاوضية ثقيلة، أبرزها مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وقدرتها على إخفاء نشاطات نووية في منشآت غير معلنة. ومع بقاء وقف إطلاق النار الهش، فإن الأسابيع القادمة قد تكون حاسمة في تحديد ما إذا كان الطرفان سيتجهان إلى طاولة الحوار، أم إلى حلقة جديدة من التصعيد العسكري في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى