
مكة المكرمة – انطلقت اليوم الأربعاء 4 جوان 2025، أول أيام مناسك الحج بتوافد أكثر من مليون حاج من مختلف أنحاء العالم إلى مدينة مكة المكرمة، وسط درجات حرارة مرتفعة وإجراءات أمنية وتنظيمية مشددة تهدف إلى تفادي مآسي سابقة، وعلى رأسها كارثة 2024 التي أودت بحياة أكثر من 1300 حاج.
وقد تجاوزت درجات الحرارة هذا الأسبوع 40 درجة مئوية، فيما تخطى عدد الحجاج القادمين إلى السعودية 1.4 مليون، بحسب إحصاءات رسمية.
طواف القدوم وبداية الروحانية
في أولى خطوات الشعائر، أدى الحجاج طواف القدوم حول الكعبة المشرفة في المسجد الحرام، مرتدين ملابس الإحرام البيضاء التي تعكس المساواة والتجرد من مظاهر الدنيا. كما توجهوا لاحقًا إلى منى استعدادًا لبقية المناسك، في أجواء إيمانية وروحانية عالية.
تدابير غير مسبوقة لمواجهة الحر
لتفادي تكرار سيناريو العام الماضي، أعلنت السلطات السعودية استنفارًا غير مسبوق، حيث جُنّد أكثر من 250 ألف موظف ضمن خطط طوارئ تغطي جميع مراحل الحج. كما تم توسيع المناطق المظللة بنحو 50 ألف متر مربع، ونشر آلاف الطواقم الطبية وأكثر من 400 وحدة تبريد، بحسب تصريحات وزير الحج توفيق الربيعة.
وتُعد منظومة التبريد داخل الحرم المكي الأضخم عالميًا، حيث يُعاد تنقية الهواء داخل المسجد الحرام تسع مرات يوميًا.
الذكاء الاصطناعي لمراقبة الحشود
في خطوة تقنية متقدمة، لجأت السلطات إلى استخدام الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لرصد تحركات الحجاج وتحليل الصور ومقاطع الفيديو من الجو، ما يُعزز قدرة المراقبة والتحكم في حركة الحشود، لا سيما في النقاط الحساسة مثل منى وجسر الجمرات.
كما تم تجهيز ممرات مُبردة للمشاة، بينها طريق حديث بطول أربعة كيلومترات يصل إلى جبل عرفات.
الحجاج غير النظاميين تحت المراقبة
وكانت أغلب الوفيات العام الماضي من بين الحجاج غير النظاميين الذين لم يتمكنوا من دخول الخيام المكيفة أو الوصول إلى وسائل النقل المبردة. وقد شنت السلطات حملة شاملة هذا العام لضبط المخالفين، تضمنت مداهمات ومراقبة جوية، بالإضافة إلى إرسال تنبيهات نصية تحذيرية.
ويواجه الحجاج غير النظاميين غرامات مالية تصل إلى آلاف الدولارات، إضافة إلى منع دخول المملكة لمدة قد تصل إلى عشر سنوات.
الحج: ركن ديني ومورد اقتصادي
إلى جانب أهميته الدينية، يُعد موسم الحج أحد أهم موارد الدخل غير النفطي للمملكة، حيث تُدر مناسك الحج والعمرة مليارات الدولارات سنويًا على الاقتصاد السعودي، ضمن خطط تنويع مصادر الدخل وفق رؤية 2030.
ومع ذلك، لا تزال الذكريات المؤلمة حاضرة، لا سيما كارثة 2015 التي راح ضحيتها نحو 2300 حاج في تدافع مأساوي خلال رمي الجمرات في منى، والتي تُعد الأسوأ في تاريخ الحج الحديث. ش علي