
قابس – تونس | 28 جوان 2025
يتجدد الجدل في محافظة قابس جنوب شرقي تونس، حول التداعيات البيئية والصحية للتلوث الصناعي، في أعقاب إعلان السلطات عن التراجع عن مشروع سابق يقضي بتفكيك منشآت صناعية ملوثة، واستبداله بمخطط لزيادة إنتاج الفوسفات ومشتقاته الكيميائية إلى خمسة أضعاف بحلول عام 2030.
القرار أثار موجة قلق كبيرة في أوساط السكان المحليين ونشطاء البيئة، الذين أطلقوا حملة تحت شعار “أوقفوا التلوث في قابس”، محذرين من “كارثة صحية صامتة” تتفاقم منذ سنوات، وسط ما يعتبرونه تجاهلا رسميا لمطالب تحسين الوضع البيئي بالمنطقة.
وتزامن هذا التصعيد مع صدور تقرير علمي مثير للقلق عن “معهد جيوسايانس” بمدينة تولوز الفرنسية، أشار إلى تسجيل “انفجار في عدد الإصابات بأنواع مختلفة من السرطان، بالإضافة إلى تشوهات خلقية على مستوى القلب” في جهة قابس. وأكد التقرير وجود “ارتباط وثيق” بين هذه الحالات وارتفاع نسب التلوث الصناعي في محيط المجمع الكيميائي.
من جهته، طالب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان له بـ”وقف التوسعات الصناعية غير المدروسة”، داعيًا إلى فتح تحقيق شفاف حول تداعيات أنشطة المجمع الكيميائي على صحة المواطنين، وتعويض المتضررين.
وفي تصريحات إعلامية، عبر عدد من سكان قابس عن استيائهم من ما وصفوه بـ”غياب رؤية تنموية نظيفة”، مؤكدين أن “حقهم في بيئة سليمة أصبح مهددًا بشكل متزايد”. وقال أحد المواطنين: “أصبحنا نخاف على أطفالنا كلما تنفسنا هواء هذه المدينة”.
يُشار إلى أن قابس تعد من أبرز المناطق الصناعية في تونس، حيث تضم مجمعًا لإنتاج الأسمدة الكيمياوية منذ سبعينيات القرن الماضي، غير أن هذه المنشآت لطالما كانت محور انتقادات لعدم احترامها المعايير البيئية، ما أدى إلى تدهور المحيط الطبيعي وتسجيل نسب تلوث مرتفعة في المياه والهواء.
في ظل هذا الوضع، يزداد الضغط على السلطات لاتخاذ إجراءات حاسمة توازن بين التنمية الصناعية وحماية البيئة، في وقت يلوح فيه السكان بالتصعيد المدني ما لم يتم الاستماع إلى أصواتهم.