دولي

من تونس إلى غزة مرورًا بطرابلس… “قافلة الصمود” تثير قلق إسرائيل وتضع مصر أمام اختبار حساس

وسط استقبال شعبي حاشد في العاصمة الليبية طرابلس، وصلت قافلة “الصمود” التضامنية مع غزة، حاملة معها مئات الناشطين من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، في محاولة رمزية لـ”كسر الحصار الإسرائيلي” المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا. هذه المبادرة، التي أطلقت من تونس قبل أيام، سرعان ما تحولت إلى قضية إقليمية بعدما دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، السلطات المصرية إلى منع القافلة من التقدم نحو معبر رفح، معبرها المحتمل إلى القطاع المحاصر.

إسرائيل تُحذّر وتضغط

في بيان رسمي شديد اللهجة، اعتبر كاتس أن القافلة “تضم محتجين جهاديين” يسعون إلى تنفيذ “استفزازات خطيرة” على الحدود، مشيرًا إلى أن “هذه الخطوة لن يُسمح بها، كونها تهدد سلامة الجنود الإسرائيليين”. وأضاف أن “على السلطات المصرية منع هذه التحركات التي تهدد الاستقرار وتستغل لأهداف دعائية ضد إسرائيل”.

يأتي هذا التصريح بعد أقل من 48 ساعة على اعتراض القوات البحرية الإسرائيلية لسفينة “مادلين” التي حاولت الوصول إلى شواطئ غزة، وعلى خلفية تصاعد التوترات في القطاع الذي وصفته الأمم المتحدة مؤخرًا بأنه “أكثر المناطق جوعًا على وجه الأرض”.

ترحيب ليبي واسع… ومصير مجهول في الشرق

في طرابلس، جابت قافلة “الصمود” شوارع المدينة وسط حماية أمنية، حيث رافقتها سيارات الشرطة أثناء مرورها من ميدان الشهداء إلى طريق الشط الرئيسي. وحظيت القافلة باستقبال شعبي لافت، رفع خلاله الليبيون أعلام فلسطين ولافتات تطالب برفع الحصار، مرددين شعارات مثل: “بالروح بالدم نفديك يا غزة” و*”قادمون يا غزة”*.

رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، عبّر عن فخره بهذا التحرك، واصفًا المشاركين بأنهم “رمز للعطاء والوفاء”، ومؤكدًا على “تضامن الشعب الليبي مع القضية الفلسطينية في وجه الحصار والعدوان”.

لكن التحدي الحقيقي ينتظر القافلة في طريقها نحو الشرق الليبي، حيث تقع معابر الحدود مع مصر تحت سيطرة قوات المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد. ولم تُعلن بعد أي جهة رسمية من الشرق الليبي موقفًا واضحًا حيال السماح بمرور القافلة.

القاهرة في دائرة الضوء

القافلة، التي تضم نحو 14 حافلة وأكثر من 100 سيارة، تنتظر حاليًا موافقة مصرية رسمية لعبور أراضيها باتجاه معبر رفح الحدودي. وقال غسان الهنشيري، منسق القافلة، في تصريح إذاعي، إن اتصالات جرت مسبقًا مع السفير المصري في تونس، لكن لم يُحسم أمر التصريح بعد.

وتقف مصر، التي تتحكم في المعبر الوحيد غير الخاضع لإسرائيل، أمام اختبار دبلوماسي وأمني حساس. فالموافقة على عبور القافلة قد تُفهم على أنها تحدٍّ لإسرائيل، في حين أن الرفض قد يُنظر إليه داخليًا كخضوع للضغوط الإسرائيلية.

رسالة رمزية تتجاوز الحدود

المنظمون أكدوا أن القافلة لا تحمل مساعدات عينية، بل تمثل تحركًا رمزيًا يهدف لتسليط الضوء على مأساة غزة المتفاقمة. ويأملون بأن تصل القافلة إلى معبر رفح، حتى وإن لم يُسمح لها بدخول القطاع، في محاولة لإعادة وضع الحصار إلى صدارة الأجندة العربية والدولية.

وفي ظل استمرار الحرب في غزة وتفاقم الوضع الإنساني، تكتسب هذه التحركات الشعبية بُعدًا معنويًا مهمًا. لكن مع تصاعد الضغوط السياسية والأمنية، تبقى وجهة قافلة “الصمود” معلقة على قرار مصري مرتقب قد يُحدد مصيرها ومصير مبادرات تضامنية مماثلة في المستقبل.   ش علي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى