دولي

حرائق سوريا، فيضانات تكساس، وموجات حر أوروبية.. هل ينهار مناخ الأرض أمام أعيننا؟

من ريف اللاذقية المشتعل شمال غرب سوريا، إلى الأنهار الغاضبة في قلب ولاية تكساس الأميركية، وصولًا إلى أوروبا التي تعاني من موجات حر قاتلة، يبدو أن كوكب الأرض يواجه سلسلة من الكوارث المناخية المتزامنة، التي لا يمكن تجاهلها أو اعتبارها مجرد مصادفة.

مع تسارع وتيرة الأحداث المناخية القاسية حول العالم، يتجدد السؤال القديم المتجدد: ماذا يحدث لكوكبنا؟ وهل دخلنا رسميًا عصر الكوارث المناخية الكبرى؟


🔥 سوريا تحترق.. والتغير المناخي في قلب الأزمة

في سوريا، اجتاحت النيران ريف اللاذقية خلال الأيام الماضية، وأتت على أكثر من 5600 هكتار من الأراضي الزراعية والغابات، وسط تضاريس صعبة، وبعد عن مصادر المياه، ووجود مخلفات الحرب.

بحسب السلطات، فإن الحرائق تغذيها الرياح الحارة، والجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، بينما تؤكد الدراسات أن سوريا شهدت في العقود الأخيرة فقدانًا هائلًا للغطاء الشجري نتيجة التغير المناخي، والحرب، وسوء إدارة الموارد.

وأظهرت تقارير علمية أن موجات الجفاف التي ضربت البلاد في السنوات الأخيرة أصبحت أكثر احتمالًا بـ25 مرة بسبب تغير المناخ الذي تسبب فيه الإنسان، مع تحوّل مناطق كاملة من الشمال الشرقي السوري إلى بؤر للجفاف الشديد.


🌊 فيضانات تكساس.. المياه تقتل بلا رحمة

على الطرف الآخر من الكوكب، عاشت ولاية تكساس الأميركية واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخها، بعد أن تسببت الفيضانات المفاجئة التي اجتاحت وسط الولاية في مقتل ما لا يقل عن 82 شخصًا وفقدان العشرات.

الفيضانات التي غذّتها بقايا العاصفة “باري” والتضاريس القاسية لما يُعرف بـ”زقاق الفيضانات”، كانت سريعة ومدمرة إلى درجة أن منسوب نهر غوادالوبي ارتفع بأكثر من 9 أمتار خلال أقل من ساعة، في غياب شبه تام للإنذار المبكر.

وتشير الأبحاث إلى أن التغير المناخي ساهم في تفاقم الفيضانات عبر زيادة بخار الماء في الجو ورفع حرارة سطح الأرض، ما يجعل أي اضطراب جوي يتحول إلى كارثة في غضون ساعات.


☀️ أوروبا تحترق من القيظ

بينما كانت سوريا وتكساس تحاربان النار والماء، كانت الحرارة تفتك بشعوب أوروبا، حيث سجلت فرنسا وإسبانيا والبرتغال درجات حرارة قياسية خلال يونيو ويوليو، تسببت في وفاة أشخاص، ونقل المئات إلى المستشفيات، واندلاع حرائق جديدة.

في إسبانيا، على سبيل المثال، لقي شخصان مصرعهما في حريق غابات، بينما أعلن في فرنسا عن وفاة شخصين جراء أمراض مرتبطة بالحر. التحذيرات الرسمية تشير إلى أن موجات الحر ستستمر، مع تصاعد خطر الجفاف وانهيار المحاصيل.


🌍 من السبب؟ العلم يجيب

على الرغم من صعوبة الربط المباشر بين كل حدث من هذه الأحداث وتغير المناخ، إلا أن المجتمع العلمي بات أكثر يقينًا بأن النشاط البشري مسؤول بدرجة كبيرة عما يشهده الكوكب.

  • تشير دراسات نشرتها دورية Nature إلى أن كل ارتفاع في درجة الحرارة العالمية بمقدار درجة مئوية واحدة يزيد من غزارة الأمطار بنسبة تصل إلى 15%.

  • كما تؤكد هيئة الأرصاد الأميركية أن الأمطار المتطرفة زادت بشكل كبير منذ الثمانينيات، بينما ارتفعت موجات الحر في أوروبا وآسيا بشكل لم يسبق له مثيل.

  • أما في سوريا، فقد أكدت دراسات مشتركة بين جامعات أميركية وأوروبية أن الحرب، والتغير المناخي، وتدمير الغابات، كلها عوامل زادت من خطر الحرائق بشكل كارثي.


🌡️ شبكة مترابطة.. وكوكب هش

يشبه علماء البيئة كوكب الأرض بشبكة دقيقة من الأوتار، ضربة واحدة في طرفها تهز النظام بأكمله. ومع تزايد تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو إلى مستويات غير مسبوقة منذ آلاف السنين، فإن حرارة الأرض ترتفع، والتوازن ينهار.

تؤدي هذه التغيرات إلى:

  • جفاف التربة وتحولها إلى بيئة حاضنة للحرائق.

  • تبخر أكبر للمياه من المحيطات، وتحول الهواء إلى “خزان بخار”.

  • أمطار فجائية وعواصف أكثر عنفًا.

  • موجات حر تضرب الأمن الغذائي والصحة العامة.


🧭 إلى أين نتجه؟

الكوارث المناخية لم تعد احتمالًا.. بل أصبحت واقعًا. العالم اليوم يشهد ما وصفته الأمم المتحدة بـ”الانهيار المناخي التدريجي”، حيث تتقاطع الظواهر المتطرفة مع السياسة، والاقتصاد، وحتى الأمن العالمي.

الخبراء يحذرون من أن التباطؤ في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة سيؤدي إلى سنوات قادمة أسوأ من الحالية، حيث تتضاعف الكوارث، وتزداد الخسائر، وتصبح حياة الإنسان على الكوكب أكثر هشاشة من أي وقت مضى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى