
في وقت تستضيف فيه العاصمة القطرية الدوحة جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، قلبت عملية بيت حانون التي نفذتها كتائب القسام – الجناح العسكري لحماس – الطاولة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى في واشنطن للحصول على دعم أميركي لخطة “اليوم التالي” في غزة.
◾ عملية نوعية تربك المشهد
الهجوم الذي نُفذ في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، أسفر عن مقتل خمسة جنود إسرائيليين من كتيبة “نيتساح يهودا” وإصابة 14 آخرين، بحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، وُصف بأنه “أصعب حادث مر على الكتيبة منذ تأسيسها”، وهو ما أكده ضباط ميدانيون لوسائل إعلام عبرية.
العملية النوعية التي استخدمت فيها أنفاق وتكتيكات مركبة، تزامنت مع زيارة نتنياهو إلى واشنطن ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، في توقيت يراه مراقبون بالغ الحساسية والتأثير على مجريات التفاوض.
◾ نتنياهو في موقف دفاعي
بينما كان نتنياهو يروّج في البيت الأبيض لما سماه “إنجازات ميدانية” في غزة وإيران، تلقى نبأ كمين بيت حانون، الذي جاء بمثابة ضربة معنوية وسياسية مزدوجة. فالعملية أكدت استمرار قدرة المقاومة الفلسطينية على شن هجمات نوعية داخل العمق العملياتي الإسرائيلي، وهو ما يُضعف مبررات استمرار الحرب.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب تسريبات إعلامية نُشرت في يديعوت أحرونوت وسكاي نيوز، مارس ضغوطاً مباشرة على نتنياهو لإنهاء الحرب، مشيراً إلى أن الوضع في غزة “كارثي” ولا يحتمل المزيد من التصعيد.
◾ ضغوط أميركية وصفقة ممكنة
المبعوث الأميركي إلى مفاوضات غزة، ستيف ويتكوف، عبّر عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق خلال أيام، مشيراً إلى أن “عدد القضايا الخلافية بين الجانبين تقلص من أربع إلى واحدة”. وهو مؤشر على تقدم ملموس في المفاوضات، على وقع التغيرات الميدانية.
ويرى خبراء أن كمين بيت حانون ساهم في تعديل توازن القوى التفاوضي لصالح المقاومة، مما يعقّد مهمة نتنياهو في تسويق رواية “النصر الكامل” للإدارة الأميركية.
◾ مقاومة تفرض الشروط
من جانبها، أكدت حركة حماس على لسان القيادي عزت الرشق، أن “غزة لن تستسلم والمقاومة هي من ستفرض الشروط”، في إشارة إلى تمسك الحركة بمطالبها في أي صفقة مستقبلية، وفي مقدمتها وقف الحرب الشامل، وانسحاب الاحتلال، وتبادل الأسرى.
◾ هل تتغير المعادلة؟
في الداخل الإسرائيلي، تتزايد الدعوات لوقف الحرب. استطلاعات الرأي تشير إلى أن 70% من الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب لم تحقق أهدافها، وأنه لا أمل في “انتصار حاسم”.
ويرى محللون أن نتنياهو، الذي يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية، يبحث عن مخرج سياسي يضمن له عدم بقاء حماس في السلطة من جهة، ويحفظ له ماء الوجه أمام ناخبيه من جهة أخرى. لكن المقاومة، بحسب المراقبين، تمسك بالأوراق الأقوى على الأرض، سواء من خلال قدراتها العسكرية أو احتفاظها بأسرى إسرائيليين.