
🔸 الشرق الأوسط | 07 يوليو 2025 –
كشفت وكالة “رويترز” في تقرير لها أن مؤسسة إغاثة إنسانية يُشتبه في أنها اقترحت إقامة “مناطق انتقال إنسانية” داخل قطاع غزة، وربما خارجه، لإيواء مدنيين فلسطينيين، في خطوة يُنظر إليها على أنها قد تهدف إلى الحد من نفوذ حركة حماس داخل القطاع. غير أن المؤسسة المعنية، والمعروفة باسم “مؤسسة غزة الإنسانية” والمدعومة من الولايات المتحدة، نفت بشكل قاطع أن تكون وراء هذا المقترح.
وفيما لا يزال الجدل قائماً حول طبيعة هذه “المناطق الانتقالية” ومصدر المقترح، يشير مراقبون إلى أن الفكرة تثير قلقاً واسعاً في الأوساط الإنسانية، نظراً لاحتمال ارتباطها بعمليات نزوح جماعي قد تكون قسرية في طبيعتها.
خطة غامضة ومرفوضة إنسانياً
الوثيقة التي اطّلعت عليها رويترز، والتي تَضمنت اسم المؤسسة الأميركية وشريكتها التجارية SRS، تطرقت إلى تفاصيل إنشاء مخيمات واسعة “طوعية”، يُفترض أن تقيم بها عائلات فلسطينية “للتخلص من التطرف” والتهيئة لـ”إعادة الاندماج أو إعادة التوطين”.
ووفق ما ورد في العرض التقديمي المرتبط بالمقترح، فإن أولى هذه المخيمات كان من المقرر أن تُجهّز في غضون 90 يوماً، وتستوعب 2160 شخصاً، مع مرافق أساسية كالمراحيض والمدارس والمغاسل.
لكن مؤسسة غزة الإنسانية نفت تماماً أي نية لتطبيق المشروع، مؤكدة أنها “لا تخطط لتنفيذ مناطق انتقال”، مشددة على أن نشاطها يقتصر على “توزيع المواد الغذائية داخل القطاع”. كما وصفت الشركة المتعاقدة معها، SRS، ما ورد بأنه “تشويه لنطاق عملياتها ولا أساس له من الصحة”.
المفاوضات في قطر تصطدم بجدار الحصار
وفي سياق متصل، نقلت رويترز عن مصدرين فلسطينيين أن رفض إسرائيل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يظل العقبة الأساسية أمام التقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية في قطر.
وأشار المصدران إلى أن جولة من المحادثات غير المباشرة بين حماس ومسؤولين إسرائيليين جرت الإثنين في الدوحة، وسط مساعٍ قطرية وأميركية للوصول إلى اتفاق هدنة “مستدام”، غير أن القيود المفروضة على الإغاثة تعرقل أي تقدم فعلي.
دعم مالي أميركي ومواقف دولية متحفظة
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت في يونيو الماضي عن دعم مالي بقيمة 30 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية، ودعت دولاً أخرى للمساهمة في دعم جهودها. لكن تقارير أممية شككت في حياد المؤسسة، ووصفتها بأنها “غير آمنة بطبيعتها”، مشيرة إلى توثيق 613 حالة قتل قرب نقاط إغاثة تديرها أو تعمل بجوارها.
وفي حين لم يصدر تعليق رسمي من البيت الأبيض بشأن المقترح، أثارت تصريحات سابقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب – التي دعا فيها إلى “إعادة بناء غزة وتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط” – استياءً واسعاً، واعتبرها حقوقيون تمهيداً لمشاريع توطين قد تُجبر السكان على مغادرة وطنهم.
ردود فعل وتحذيرات حقوقية
أعرب خبراء إنسانيون عن بالغ قلقهم من المقترح المسرّب، حتى وإن لم يكن قيد التنفيذ حالياً. وقال جيريمي كونينديك، الرئيس السابق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إن “لا وجود لما يُسمى بالنزوح الطوعي في منطقة تتعرض لقصف مستمر منذ قرابة عامين”.
وشدد مسؤول آخر مشارك في التخطيط الأولي للمخيمات على أن الهدف المعلن هو “إزالة الخوف وتمكين الناس من الهروب من قبضة حماس”، لكن دون تقديم توضيحات كافية حول كيفية ضمان سلامة السكان أو موافقتهم الطوعية.
🟥 الجدل الدائر حول “مناطق الانتقال الإنسانية” يسلّط الضوء على تعقيد الوضع الإنساني في غزة، ومدى ارتباط المسار الإغاثي بالرهانات السياسية والعسكرية. في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات، تبقى أي مفاوضات سياسية مهددة بالانهيار ما لم تُمنح الأولوية لحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني.