دولي

مفاوضات الدوحة: أهداف إسرائيل السياسية في الجولة الجديدة من التفاوض مع حماس

في خضمّ التصعيد المستمر في قطاع غزة، ووسط ضغط داخلي متزايد للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، تشرع إسرائيل في جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة. وعلى الرغم من أن المحادثات تُدار عبر وسطاء قطريين ومصريين، إلا أن أهداف تل أبيب من هذه الجولة تتجاوز مجرّد “وقف إطلاق نار” مؤقت أو تبادل للأسرى.

فيما يلي نظرة تحليلية على دوافع وأهداف إسرائيل السياسية من هذه الجولة:


1. تحسين صورة الحكومة داخلياً قبيل لقاء نتانياهو – ترامب

تأتي جولة المفاوضات عشية زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في لحظة سياسية حرجة. يسعى نتانياهو لإبراز نفسه كصانع اتفاقات، حريص على “استعادة الرهائن” و”حماية أمن إسرائيل”، لا مجرد مدمن حروب. أي تقدم، حتى رمزي، في ملف الرهائن قد يمنحه نقاطاً سياسية على الساحة الداخلية الإسرائيلية حيث تتصاعد الانتقادات له منذ هجوم 2023.


2. تخفيف الضغط الدولي وتحسين شروط الدعم الغربي

تتعرض إسرائيل لضغط دولي متصاعد جراء طول أمد الحرب وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في غزة. التفاوض يمنح إسرائيل متنفساً دبلوماسياً، ورسالة مفادها أنها “منفتحة على الحلول”، رغم استمرار العمليات العسكرية. إنها محاولة لإعادة صياغة موقفها كطرف مسؤول، مقابل تحميل حماس مسؤولية “إفشال الاتفاق” إن تعثرت الجولة.


3. تقسيم الملف الفلسطيني وإضعاف الوحدة الداخلية لحماس

إسرائيل تفضل نهج “فرّق تسد”، وهي تدرك أن التفاوض مع حماس، خصوصاً بعد ظهور ميليشيات فلسطينية أخرى مناوئة لها (مثل جماعة أبو شباب)، قد يساهم في خلق انقسامات داخلية فلسطينية، سواء داخل القطاع أو ضمن الفصائل. كل خطوة تفاوضية تضيف طبقة جديدة من التوتر الداخلي في صفوف حماس بين الجناحين السياسي والعسكري.


4. الحفاظ على عنصر المبادرة في صياغة ما بعد الحرب

من خلال التفاوض على وقف إطلاق نار مشروط، تسعى إسرائيل إلى هندسة المرحلة التالية في غزة بما يتماشى مع مصالحها الأمنية، كربط إعادة الإعمار بضمانات أمنية، وفرض انسحاب حماس من مشهد الحكم، أو إشراك أطراف دولية في توزيع المساعدات و”إعادة تأهيل” غزة. كل ذلك ضمن محاولات تطويق النفوذ الإيراني داخل القطاع.


5. استخدام التفاوض كمناورة لإعادة التمركز العسكري

من الناحية الميدانية، فإن هدنة لستين يوماً (كما ورد في المقترح) تعني فرصة لإعادة التموضع العسكري داخل القطاع، وتحقيق أهداف استخباراتية أخرى، مثل مراقبة التحركات، وتقييم أضرار الحرب، وربما تصفية شخصيات جديدة لاحقاً في حال فشل الاتفاق. التفاوض قد يكون مجرد غطاء استراتيجي.


خاتمة: مفاوضات بحسابات أبعد من الرهائن

رغم الطابع الإنساني العاطفي الذي يُسلّط عليه الضوء إعلامياً، فإن إسرائيل تدخل مفاوضات الدوحة وهي تحمل حسابات سياسية وأمنية أعمق، ترتبط بموقع نتانياهو السياسي، ومستقبل غزة، وإدارة الضغوط الداخلية والخارجية. وفي حال فشل الجولة؟ لا بأس… الملف سيعود إلى مربعه الأول، وكل طرف سيحمّل الآخر الفشل، كعادة كل مفاوضات القرن الواحد والعشرين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى