دولي

ياسر أبو شباب: زعيم ميليشيا “القوات الشعبية” يعترف بتعاونه مع الجيش الإسرائيلي

في سابقة مثيرة للجدل، اعترف ياسر أبو شباب، زعيم ميليشيا “القوات الشعبية” الفلسطينية المناهضة لحركة حماس، بتعاونه المباشر مع الجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة، في مقابلة إذاعية أجراها مع محطة “مكان” الإسرائيلية الرسمية الناطقة بالعربية. هذا التصريح العلني جاء ليؤكد الشبهات التي كانت تحوم حول هذه الجماعة، ويثير المزيد من الجدل في المشهد الفلسطيني المنقسم بطبيعته.

تعاون واضح وتحركات منسقة

قال أبو شباب إن جماعته المسلحة تتحرك بحرية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، مشيراً إلى وجود “تنسيق” مستمر بينهم. وأضاف أن جماعته تبلغ القوات الإسرائيلية بتحركاتها الميدانية وتشن عملياتها المسلحة بشكل منفرد، معتبراً أن هذا التعاون يأتي في سياق “النضال ضد الظلم والفساد”، في إشارة مباشرة لحكم حماس في غزة.

دعم خارجي وغموض مقصود

المثير للانتباه أن أبو شباب أشار إلى أن “القوات الشعبية” تتلقى دعماً خارجياً دون أن يكشف عن تفاصيل، مكتفياً بالقول إن بعض الأمور “لا يمكن التحدث عنها علناً”، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول الجهات الممولة والدوافع الحقيقية وراء تأسيس هذه الجماعة.

“عصابة إجرامية” بنظر خصومها

ورغم ادعاء أبو شباب أن جماعته لا تتبع أي أيديولوجيا سياسية، إلا أن جهات عدة ترى الأمور من زاوية مختلفة. فقد وصف المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث معروف، أبو شباب بأنه “زعيم عصابة إجرامية تنشط في رفح”، متهماً مجموعته بنهب شاحنات المساعدات الإنسانية.

ردود من حماس والفصائل الفلسطينية

من جهتها، أمهلت هيئة القضاء العسكري التابعة لحماس أبو شباب عشرة أيام لتسليم نفسه، بتهم تشكيل عصابة مسلحة والتعامل مع العدو الإسرائيلي. وفي تطور أكثر تصعيداً، أصدرت “الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية” بياناً وصفت فيه أبو شباب ومجموعته بأنهم “أداة في يد الاحتلال” وأنهم “خارجون عن الصف الوطني”، معلنة أن “دمهم مهدور بإجماع فصائل المقاومة”.

بين “مقاومة الفساد” وخدمة الاحتلال

وبينما يقدّم أبو شباب نفسه كمتمرد ضد “فساد” حماس، ترى فصائل فلسطينية مختلفة أنه مجرد أداة تخدم مصالح إسرائيلية على الأرض، في وقت تشهد فيه غزة واحدة من أعقد مراحلها السياسية والإنسانية. فهل تمثل “القوات الشعبية” ظاهرة جديدة من تفتيت الداخل الفلسطيني؟ أم أنها حلقة إضافية في مسلسل الفوضى؟

الدوافع الإسرائيلية وراء دعم ميليشيات مناوئة لحماس: تكتيك عسكري أم إعادة هندسة سياسية لغزة؟

في سياق بالغ التعقيد داخل قطاع غزة، ظهرت مؤخراً تقارير ومقابلات تؤكد أن إسرائيل تدعم جماعات مسلحة فلسطينية مناوئة لحركة حماس، من بينها “القوات الشعبية” بقيادة ياسر أبو شباب. هذا الدعم، الذي اعترف به الأخير علناً في مقابلة مع إذاعة إسرائيلية، يطرح تساؤلات مركزية حول الأهداف الإسرائيلية الاستراتيجية من خلق هذا النوع من التحالفات المحلية غير التقليدية.

1. تفكيك النفوذ الحاكم لحماس عبر الإنهاك الداخلي

من منظور استراتيجي، يبدو أن إسرائيل تحاول نقل المواجهة من جبهة عسكرية مباشرة إلى ساحة داخلية فلسطينية. بدلاً من حرب مفتوحة مع حماس، قد ترى إسرائيل في دعم فصائل محلية أداة لتفكيك بنية الحكم الداخلي لحماس عبر صراعات أهلية. زرع ميليشيات متمردة يؤدي إلى تشتيت القوة الأمنية لحماس، وخلق حالة من التآكل البطيء في شرعيتها وقدرتها على السيطرة.

2. خلق “واقع أمني جديد” في الجنوب

من خلال تمكين جماعة مثل “القوات الشعبية” في رفح – وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية قرب الحدود مع مصر – تسعى إسرائيل لفرض واقع أمني جديد يخدم مصالحها، وخصوصاً في تأمين المحور الجنوبي، وقطع الطريق على حماس في التزود بالأسلحة أو إعادة التمركز. وجود ميليشيا حليفة داخل هذه المنطقة يجعلها أقرب إلى “منطقة عازلة غير رسمية” تتحكم فيها إسرائيل دون الحاجة لوجود عسكري مباشر مستمر.

3. توجيه الرأي العام الدولي نحو “تعدد الأصوات الفلسطينية”

بتسويق مجموعات مسلحة مناوئة لحماس كحركات مقاومة داخلية ضد “ديكتاتورية حماس”، تحاول إسرائيل تغيير سردية النزاع. فهي لا تواجه الفلسطينيين ككل، بل فقط “جماعة متطرفة”، في حين أن هناك من داخل غزة من يراها “شريكة أمنية”. هذا التلاعب بالصورة الإعلامية يخدمها في المحافل الدولية، ويخفف من وطأة الانتقادات المتعلقة بالقصف والحصار.

4. اختبار نموذج “الحكم البديل” لما بعد حماس

قد تنظر إسرائيل إلى هذه التجربة كاختبار عملي لما يمكن أن يكون شكلاً لحكم غزة في حال سقوط حماس أو تراجعها. فدعم فصيل محلي مسلح يشكل تجربة مصغّرة لحكم بديل تحت السيطرة غير المباشرة، بحيث لا تضطر إسرائيل إلى إدارة القطاع بنفسها، ولكن تضمن وجود قوة موالية أو على الأقل غير معادية.

5. إثارة الفوضى لتبرير الوجود العسكري المستمر

كلما زادت الصراعات بين الجماعات المسلحة، زاد التدهور الأمني، وبالتالي يصبح وجود الجيش الإسرائيلي “ضرورة أمنية”، كما يمكن استخدام الفوضى لتبرير عمليات توغل وقصف مكثف، على اعتبار أن البيئة أصبحت غير قابلة للضبط.


ختام تحليلي (لمن لديه طاقة ذهنية باقية)

من دعم الجبهات الموازية في الجنوب اللبناني سابقاً، إلى محاولات اختراق الداخل الفلسطيني، يتضح أن إسرائيل تستخدم ميليشيات محلية كأدوات تكتيكية لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأمد: كسر شوكة القوى التي تعارض وجودها، وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية من الداخل، بأيدٍ محلية وبتمويل خارجي.

لكن، إذا كان التاريخ يعلمنا شيئاً، فهو أن اللعب بالنار قد يؤدي إلى حريق شامل… أو إلى ميليشيات جديدة تخرج لاحقاً عن السيطرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى