
بقلم منير قوعيش
الجزائر تعيش على وقع موجة جديدة من الغلاء، هذه المرة بطلها البيض، إحدى أبسط المواد الغذائية على موائد الجزائريين. صفيحة البيض (30 بيضة) تجاوزت 600 دينار، في مشهد يعيد تكرار نفسه مع كثير من المنتجات: الأسعار تقفز، والتبريرات تتقاذف، والضحية واحدة دائمًا… المستهلك البسيط.
كل من تسأله عن سبب الارتفاع، يرد بجملة واحدة: “خاطيني”.
التاجر يشير إلى المورد: “شريتها غالية”،
المورد يلقي اللوم على الفلاح: “باعها بثمن مرتفع”،
والفلاح يشتكي: “بعتها رخيسة، والتكلفة غالية”…
سلسلة طويلة من الأعذار تنتهي عند جيب المواطن، الذي يدفع وحده ثمن اللامبالاة والاحتكار.
الشرارة التي فجّرت هذه الأزمة كانت خبرًا عن منح رخص تصدير البيض. لم تمر سوى أيام حتى قفزت الأسعار محليًا بشكل لافت، رغم أن السلطات لم تؤكد بعد الشروع الفعلي في التصدير أو كمياته.
ونحن هنا لا نعارض التصدير، بل نعتبره خطوة ذكية إذا ما تم وفق مخططات دقيقة تحفظ التوازن الداخلي. لكن ما نرفضه بشدة هو تحويل هذا القرار إلى شماعة للمضاربة ورفع الأسعار دون مبرر، خاصة في ظل أرقام رسمية تؤكد أن الجزائر تحقق اكتفاء ذاتيًا يفوق 10 مليارات بيضة سنويًا، مقابل استهلاك لا يتجاوز 7 مليارات.
إذا كانت الإنتاجية تغطي السوق بأريحية، فأين هو الخلل؟
الجواب واضح: لا توجد ندرة، بل هناك مضاربة ممنهجة هدفها الربح السريع على حساب المواطن.
المطلوب اليوم تحرك حازم وسريع من الجهات الرقابية، لوضع حدّ لهذا العبث. يجب مراقبة سلسلة الإنتاج والتوزيع، ومحاسبة كل من يتلاعب بقوت المواطن مستغلًا قرارات سيادية يفترض أن تخدم الاقتصاد الوطني، لا أن تُستخدم كغطاء للجشع.
لقد تعب الجزائري من الدوران في حلقة مفرغة من الغلاء والتبريرات. المطلوب حلول فعلية، لا خطابات مطمئنة.