دولي

نيكولا ساركوزي… أول رئيس فرنسي سابق يدخل السجن في تاريخ الجمهورية الخامسة

في حدث غير مسبوق في التاريخ السياسي الفرنسي، أودِع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، الثلاثاء، سجن “لاسانتيه” في العاصمة باريس، لبدء تنفيذ حكم بالسجن لمدة خمس سنوات بعد إدانته في قضية التمويل غير القانوني لحملته الانتخابية من ليبيا.

ويمثل هذا القرار سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة، إذ لم يسبق أن دخل رئيس فرنسي سابق فعلياً السجن، رغم محاكمة رؤساء ووزراء سابقين في قضايا فساد خلال العقود الماضية.

🔹 دخول صادم ومشهد رمزي

وصل ساركوزي، البالغ من العمر 70 عاماً، صباح الثلاثاء إلى سجن “لاسانتيه” برفقة زوجته كارلا بروني، حيث هتف له عدد من أنصاره في الخارج “افرجوا عن نيكولا”، فيما دوّى داخل السجن صوت سجناء يصرخون من زنازينهم: “أهلاً بك ساركوزي!”.
وكان القضاء الفرنسي قد أصدر، في أواخر سبتمبر الماضي، حكماً نهائياً بسجنه خمس سنوات، بعد إدانته بتهم “التآمر الجنائي” و”التمويل غير المشروع للحملة الانتخابية لعام 2007″ عبر اتصالات غير قانونية مع نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

ورغم أن المحكمة أقرت بعدم وجود دليل مباشر على تحويل الأموال، إلا أنها أكدت أن التحقيقات أثبتت وجود “حركة أموال ليبية موجّهة نحو تمويل الحملة”.

🔹 طلب فوري للإفراج المؤقت

وبحسب محامي الدفاع، تقدم ساركوزي فور دخوله السجن بطلب رسمي للإفراج المؤقت، في انتظار قرار محكمة الاستئناف التي من المقرر أن تبت في الطلب خلال شهرين، وسط توقعات بعقد جلسة عاجلة خلال الأسابيع المقبلة.
وقال ساركوزي عبر حسابه في منصة “إكس”:

“لم يُسجن رئيس سابق للجمهورية، بل شخص بريء. أنا ضحية ظلم سياسي واضح.”

🔹 زنزانة فردية… وتفاصيل الإقامة

من المتوقع أن يُحتجز الرئيس الأسبق في زنزانة انفرادية مساحتها بين 9 و12 متراً مربعاً، مجهزة بحمام خاص، وتضم تلفازاً مقابل اشتراك شهري قدره 14 يورو وهاتفاً أرضياً محدود الاستخدام.
وسيُسمح له بالخروج إلى ساحة صغيرة لممارسة الرياضة يومياً، كما يمكنه زيارة مكتبة السجن أو إحدى قاعات التمارين الرياضية الثلاث.

ويُعد سجن “لاسانتيه” من أشهر السجون الفرنسية وأكثرها تشديداً، وقد سُجن فيه سابقاً شخصيات دولية بارزة مثل كارلوس الثعلب ومانويل نورييغا.

🔹 صدى سياسي واسع ودعم من اليمين

أثار الحكم صدمة في الأوساط السياسية الفرنسية، خاصة في معسكر اليمين، حيث عبّر عدد من قادة الحزب الجمهوري عن دعمهم لساركوزي، معتبرين الحكم “قاسياً وغير متناسب”.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد استقبل سلفه في قصر الإليزيه قبل أيام من دخوله السجن، وقال في تصريحات مقتضبة إن اللقاء كان “طبيعياً على الصعيد الإنساني”.

كما أعلن وزير العدل جيرالد دارمانان، المقرب من ساركوزي، أنه سيزوره في السجن، معرباً عن “قلقه من الجوانب الأمنية والرمزية لسجن رئيس سابق للجمهورية”.

🔹 لحظة مفصلية في تاريخ العدالة الفرنسية

يرى مراقبون أن الحكم على ساركوزي يمثل تحولاً في نهج العدالة الفرنسية تجاه قضايا الفساد السياسي، بعد سنوات من اتهامات بـ”الإفلات من العقاب” لكبار المسؤولين.
وقال أستاذ القانون العام بجامعة السوربون جان لوك ميرسيه إن “العدالة الفرنسية ترسل اليوم رسالة واضحة: لا أحد فوق القانون، حتى من جلس في قصر الإليزيه”.

وفي المقابل، أظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة إيلاب أن 58% من الفرنسيين يعتبرون الحكم “عادلاً”، بينما أيد 61% قرار تنفيذ العقوبة فوراً دون انتظار الاستئناف.

ورغم صمته النسبي منذ صدور الحكم، أبلغ ساركوزي صحيفة لوفيغارو أنه سيقضي أيامه الأولى خلف القضبان في القراءة، حاملاً معه ثلاث كتب، بينها رواية “الكونت دو مونت كريستو” لألكسندر دوما — قصة رجل سُجن ظلماً ثم سعى للانتقام ممن خانوه.

المصدر (فرانس 24 / وكالات)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى