دولي

تصاعد نشاط جماعات مسلحة مناهضة لحماس في مناطق السيطرة الإسرائيلية بغزة رغم مقتل أبرز قادتها

تشهد مناطق واسعة في قطاع غزة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية ازدياداً ملحوظاً في نشاط الجماعات الفلسطينية المسلحة المناوئة لحركة حماس، رغم مقتل أبرز قادتها ياسر أبو شباب الأسبوع الماضي في رفح. وتؤكد هذه الجماعات أنها ماضية في مواجهة حماس وتوسيع تجنيد عناصرها، في وقت تصف فيه الحركة هذه التشكيلات بأنها “أدوات” تعمل لصالح الاحتلال.

وتضيف هذه التحركات طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد الأمني والسياسي في غزة، وتلقي بظلالها على مستقبل القطاع في ظل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومساعي إقامة “مناطق آمنة” داخل القطاع.


تصاعد النفوذ بعد الهدنة

تقول مصادر أمنية وعسكرية مصرية إن هذه الجماعات، التي تنشط في مناطق تنتشر فيها القوات الإسرائيلية، كثفت عملياتها منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقدّرت عدد عناصرها بحوالي ألف مسلح، بزيادة تقارب 400 عن بداية الهدنة.

ورغم محدودية انتشارها ونفوذها، فإن بروزها يضغط على حماس التي تعمل على إعادة ترسيخ قبضتها الأمنية والعسكرية في المناطق التي تديرها. ويعيش في تلك المناطق نحو مليوني فلسطيني، بينما تسيطر إسرائيل على أكثر من نصف مساحة القطاع.


مقتل أبو شباب… واستمرار المواجهة

قُتل ياسر أبو شباب، الذي كان يُعتبر الرأس المدبر لمحاولة تشكيل قوات مناوئة لحماس، في منطقة رفح. وأعلنت جماعته “القوات الشعبية” أنه قُتل أثناء الوساطة في نزاع عائلي، دون توضيح هوية الجهة التي اغتالته. وتولى نائبه غسان الدهيني القيادة متعهداً بمواصلة نشاط الجماعة.

وبعد مقتله، نشرت الجماعة وأخرى حليفة فيديوهات تظهر عشرات المسلحين وهم يؤكدون مواصلة “الطريق ذاته”. وتحققت وكالة رويترز من مقاطع تم تصويرها في رفح من خلال مقارنة معالم المكان بصور أرشيفية وبيانات أقمار صناعية.

في المقابل، تقول حماس إن مقتل أبو شباب “مصير كل متعاون مع الاحتلال”، مؤكدة أنها لم تشارك في عملية قتله.


اتهامات بالتعاون مع إسرائيل

تتهم حماس خصومها بأنهم “عملاء” لإسرائيل، بينما تقول الجماعات المناوئة إنها تتحرك بدافع “مقاومة قمع حماس”، وتنفي تلقي دعم عسكري مباشر من إسرائيل، لكنها تقر بوجود اتصالات في ما يتعلق بالمواد الغذائية والمساعدات.

ويقول حسام الأسطل، أحد قادة تلك الجماعات في خان يونس، إن مجموعته حصلت على أسلحة ودعم مالي من “أصدقاء دوليين”، دون توضيح هوياتهم.

مصادر مصرية أكدت لرويترز أن الجماعات المدعومة من إسرائيل كثفت عملياتها وأنها تتحرك بحرية في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، ما يعقد عمل أجهزة أمن حماس.


المشهد الداخلي: استعراض قوة وصعوبات شعبية

شهدت مناطق من رفح وخان يونس احتفالات محدودة بمقتل أبو شباب، فيما يرى محللون فلسطينيون أن هذه الجماعات تفتقر لقاعدة شعبية، وأن وجودها قد يؤدي إلى صراع داخلي بين الفلسطينيين.

ويقول غسان الخطيب، المحاضر في جامعة بيرزيت، إن هذه التنظيمات “أدوات تكتيكية” تستخدمها إسرائيل لزعزعة سيطرة حماس، ولا تمتلك مستقبلاً سياسياً في القطاع.

كما أكد مسؤولون في حركة فتح رفضهم لأي تشكيلات مسلحة مدعومة من إسرائيل، معتبرين أنها “لا تمت بصلة لمشروع الشعب الفلسطيني”.


خطة ترامب والسيناريوهات المقبلة

تسعى واشنطن من خلال خطة ترامب إلى نزع سلاح حماس، وإنشاء سلطة انتقالية ونشر قوة متعددة الجنسيات، إضافة إلى إطلاق برنامج لإعادة الإعمار.

وتشير وثائق دبلوماسية إلى أن رفح مرشحة لاحتضان “تجمعات سكنية آمنة” كمرحلة أولى. ويقول مسؤول أميركي إن بلاده لا تقدم أي دعم للجماعات المناوئة لحماس، مؤكداً أن “استبعاد حماس فقط هو الموقف الأميركي، أما من يحكم غزة فمسألة يقررها الفلسطينيون”.

في المقابل، يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه سيحافظ على مواقع سيطرته ويعتبر “الخط الأصفر” خط دفاع أمامي جديداً.

وجود جماعات مسلحة مناوئة لحماس في مناطق السيطرة الإسرائيلية يشكل عامل اضطراب إضافي في غزة، ويثير مخاوف من تفجر نزاعات داخلية جديدة، في وقت ما تزال فيه الرؤية الأميركية والإسرائيلية لمستقبل القطاع غير واضحة، وسط انسداد سياسي ومخاطر أمنية متزايدة.

المحرر ش ع


المصادر

  1. وكالة رويترز – تقارير ميدانية وتصريحات قادة الجماعات المسلحة

  2. تصريحات رسمية من حركة حماس وتحالف الفصائل المسلحة

  3. مصادر أمنية وعسكرية مصرية مشاركة في مفاوضات التهدئة

  4. تصريحات دبلوماسيين غربيين ومسؤولين إسرائيليين

  5. وثائق وتصريحات مرتبطة بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإدارة غزة

  6. مقابلات محللين فلسطينيين (جامعة بيرزيت)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى