
واشنطن
كشفت مقابلة مطوّلة نشرتها مجلة «فانيتي فير» عن تفاصيل نادرة من داخل الدائرة الضيقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال العام الأول من ولايته الثانية، مسلّطة الضوء على الدور المحوري الذي تؤديه سوزي وايلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض، والتي وُصفت بأنها الشخصية الأكثر نفوذًا في الإدارة بعد الرئيس نفسه.
وأعدّ المقابلة الكاتب الأميركي كريس ويبل، الذي أجرى سلسلة لقاءات مع وايلز في ما وصفه بـ«كل لحظة أزمة» مرّت بها الإدارة، مقدّمًا صورة غير معتادة عن آلية صنع القرار داخل الجناح الغربي، في ظل رئيس يُعرف بالاندفاع وتوسيع حدود الصلاحيات التنفيذية.
جرأة غير مسبوقة في مواجهة الرئيس
يروي التقرير مشهدًا لافتًا جرى صباح 4 نوفمبر (تشرين الثاني)، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي ضمّ ترامب وثلاثة من أقرب مستشاريه: نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ونائب كبير الموظفين ستيفن ميلر.
وبينما كان ترامب يتحدث مطولًا عن تعطيل الكونغرس والضغط لإخراج الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من السلطة، نهضت وايلز متجهة نحو الباب، ما دفع ترامب إلى سؤالها بحدة عن سبب المغادرة.
وردّت وايلز، وفق ما نقلته المقابلة: «إنها حالة طارئة، ولا علاقة لك بها»، قبل أن تغادر المكتب، في مشهد يعكس – بحسب التقرير – قدرتها على مخاطبة الرئيس بنبرة لا يجرؤ عليها كثيرون داخل إدارته.
“شخصية مدمن كحول”
في توصيف صادم، نسبت وايلز إلى ترامب امتلاكه «شخصية مدمن كحول»، في إشارة إلى نمط سلوكي يتسم بالاندفاع والثقة المفرطة والاعتقاد الدائم بإمكانية تجاوز القواعد والحدود.
كما قدّمت تقييمات حادة لشخصيات نافذة داخل الإدارة، معتبرة تحوّل جيه دي فانس من معارض لترامب إلى أحد أبرز داعميه “تحولًا لافتًا”، وواصفة إياه بأنه أقرب إلى “مدبّر مؤامرات”.
أما راسل فوت، رئيس مكتب الإدارة والميزانية، فاعتبرته “متعصبًا يمينيًا مطلقًا”.
وحول الملياردير إيلون ماسك، علّقت وايلز على إعادة نشره تغريدة مثيرة للجدل قائلة: «أعتقد أن ذلك يحدث عندما يكون في حالة جرعات دقيقة»، في إشارة غير مباشرة إلى تعاطي المخدرات، مع تأكيدها أنها لا تملك دليلًا مباشرًا.
مركز الثقل الحقيقي للسلطة
ينقل التقرير تقييمات من داخل المعسكر الجمهوري تؤكد أن وايلز باتت مركز الثقل الحقيقي للسلطة التنفيذية اليومية.
ويقول رئيس موظفين جمهوري سابق إن “قرارات ذات عواقب هائلة تُتخذ أحيانًا بناء على نزوة الرئيس، والقوة الوحيدة القادرة على توجيه هذه النزوة هي سوزي وايلز”.
ويرى وزير الخارجية ماركو روبيو أنه «لا يوجد أي شخص في العالم حاليًا قادر على أداء هذه الوظيفة كما تفعل وايلز»، بينما يوضح فانس أن فلسفتها لا تقوم على تقييد الرئيس أو التلاعب به، بل على دور “المُيسِّر” الذي يحوّل رؤية ترامب إلى سياسات عملية، انطلاقًا من كونه رئيسًا منتخبًا.
ملفات كبرى وصراعات داخلية
وتضع المقابلة دور وايلز في سياق ملفات كبرى ارتبطت بإدارة ترامب، من بينها توسيع السلطة الرئاسية، وإغلاق الحدود الجنوبية، وفرض تعريفات جمركية، والضغط على حلفاء الناتو لرفع الإنفاق الدفاعي، إلى جانب التوصل إلى وقف إطلاق نار وإطلاق رهائن في غزة.
في المقابل، يكشف التقرير عن وجه داخلي أكثر صدامية، يتمثل في ملاحقة الخصوم السياسيين، والعفو عن مدانين، وفصل مسؤولين، والضغط على وسائل إعلام وجامعات، إضافة إلى خطاب هجومي طال نساء وأقليات.
إيلون ماسك… وأزمة إنسانية
من أكثر النقاط حساسية، رواية وايلز عن صعود مركز قوة موازٍ داخل الإدارة يمثله إيلون ماسك.
وتقول إنها صُدمت من طريقة تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، موضحة أن أمرًا تنفيذيًا رئاسيًا كان يستثني البرامج المنقذة للحياة من تجميد المساعدات، لكن التنفيذ الميداني أدى فعليًا إلى إغلاق برامج إنسانية حيوية، بينها برامج تطعيم في أفريقيا، ما وضع – بحسب تحذيرات تلقتها – آلاف الأرواح في خطر.
قوة تعمل في الظل
ويخلص التقرير إلى أن سوزي وايلز جمعت خصائص نادرة في واشنطن: القدرة على العمل داخل بيئة شديدة الذكورية، وإدارة فريق متشدد، والاقتراب من الرئيس دون تصدّر الواجهة الإعلامية.
وبحسب «فانيتي فير»، بات اسم وايلز عنوانًا للقوة التي تعمل في الظل، في مرحلة يعتبرها منتقدو ترامب مفصلية في إعادة تعريف شكل الحكم والسلطة في الولايات المتحدة. المحرر ش ع
المصادر:
-
مجلة Vanity Fair
-
العربية.نت
-
مقابلات كريس ويبل مع سوزي وايلز



