تتعرض الجزائر في الآونة الأخيرة لحملة إعلامية مكثفة من بعض القنوات الفرنسية، وعلى رأسها قناة “CNews”، التي تسعى إلى نشر اتهامات تتعلق بحرية الممارسة الدينية في الجزائر. الحملة تركز على الادعاء بأن الجزائر تمارس قمعًا ضد المسيحيين وتغلق الكنائس، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه الاتهامات.
واقع الحريات الدينية في الجزائر
في الواقع، لا توجد قيود رسمية على ممارسة الشعائر الدينية في الجزائر، بل على العكس، تؤمن البلاد بحرية الممارسة الدينية لجميع المواطنين. ومع ذلك، تفرض الجزائر قوانين تنظم هذه الأنشطة لضمان عدم استغلال الدين لأغراض سياسية أو طائفية. ويشمل ذلك الحصول على تراخيص رسمية لأي منظمة دينية قبل ممارسة أنشطتها أو بناء دور العبادة. فهذه القوانين تهدف إلى الحفاظ على النظام الاجتماعي وضمان عدم تغذية الفتن الطائفية.
وفي هذا السياق، أوضح وزير الشؤون الدينية الجزائري في تصريحات صحفية لصحيفة “لوموند” الفرنسية أن الجزائر لا تفرض أي نوع من القمع الديني، مؤكداً أن كل منظمة دينية، بما في ذلك الكنائس، يجب أن تلتزم بالحصول على التراخيص المناسبة من السلطات المختصة. وأكد الوزير أن الجزائر تتعامل مع هذه القضايا وفقًا لإطار قانوني يضمن حقوق المواطنين ويحمي سيادة الدولة.
تساؤلات حول الحملة الإعلامية الفرنسية
الحملة الإعلامية التي تقودها بعض وسائل الإعلام الفرنسية تثير العديد من التساؤلات حول دوافعها. حيث تروج هذه الوسائل لصور مغلوطة حول الوضع الديني في الجزائر، مع التركيز على الاتهامات المتعلقة بإغلاق الكنائس واضطهاد المسيحيين المتحولين. ومع أن الجزائر لا تمنع الممارسة الدينية، فإنها تفرض قوانين صارمة على الأنشطة الدينية غير المرخصة، وهو ما يعتبره بعض المنتقدين تضييقًا على الحريات الدينية، بينما ترى الحكومة الجزائرية أن هذه الإجراءات تهدف لحماية النظام الاجتماعي ومنع الانقسامات الطائفية.
بعض القوى الغربية، وعلى رأسها فرنسا، تسعى من خلال هذه الحملة إلى ممارسة الضغط على الجزائر عبر قضايا غير حقيقية، في محاولة للتأثير على مواقفها السياسية في سياق تنافسها مع القوى الغربية. هذه الحملة، التي تروج لمفاهيم مغلوطة حول حرية الدين، يمكن أن تكون جزءًا من محاولات للتدخل في الشؤون الداخلية للجزائر.
رفض الجزائر التدخل الخارجي
الجزائر تسعى دائمًا للحفاظ على استقلالها وسيادتها، وتؤكد على رفضها أي تدخل في شؤونها الداخلية تحت أي مسمى. الحكومة الجزائرية تعتبر أن أي محاولة للتأثير على السياسة الداخلية، سواء من خلال قضايا حقوق الإنسان أو حرية الدين، هي انتهاك لسيادتها الوطنية. الجزائر تؤمن بأن من حقها اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة شعبها، وأن أي محاولات للتدخل في شؤونها السياسية أو الدينية تهدف إلى إضعاف استقلالها.
استمرار الجزائر في الدفاع عن سيادتها
الجزائر، كما أكدت مرارًا، تلتزم بمبادئ حقوق الإنسان وتضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية وفقًا للقوانين المحلية. وعلى الرغم من التحديات التي تفرضها الحملة الإعلامية ضدها، فإن الجزائر تواصل العمل على الحفاظ على استقرارها الداخلي، ومحاربة التطرف والإرهاب، وضمان التوازن بين حرية الممارسة الدينية والحفاظ على النظام الاجتماعي.
من جانب آخر، يجب على الإعلام الجزائري أن يواصل تسليط الضوء على الواقع الفعلي في البلاد وتقديم الحقائق بشكل مهني وموضوعي. فالجزائر دولة ذات سيادة لا تسمح لأي جهة خارجية بالتدخل في شؤونها الداخلية. هي دولة قوية ومستقلة، قادرة على ضمان أمنها واستقرارها الداخلي دون الحاجة إلى وصاية من أي طرف خارجي.
خاتمة
الحملة الإعلامية الفرنسية ضد الجزائر في ما يتعلق بحرية الدين ليست سوى جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تشويه سمعة الجزائر في الساحة الدولية وفرض ضغوط عليها. ورغم هذه الحملة، فإن الجزائر تظل ثابتة في موقفها الدفاعي عن سيادتها وحقها في اتخاذ القرارات التي تتناسب مع مصالح شعبها، رافضة أي تدخلات خارجية. ش ع