دولي

فرنسا: “سرقة القرن” في متحف اللوفر… مجوهرات ملكية بملايين اليوروهات وسط ثغرات أمنية خطيرة

تعيش فرنسا على وقع صدمة ثقافية وأمنية بعد عملية السطو التي وُصفت بـ”سرقة القرن”، والتي استهدفت متحف اللوفر في قلب باريس، أحد أبرز رموز التراث الإنساني العالمي.
التحقيقات لا تزال متواصلة بوتيرة مكثفة، فيما تواصل الشرطة الفرنسية البحث عن أربعة مشتبه بهم يعتقد أنهم نفذوا العملية الجريئة التي لم تستغرق سوى ثماني دقائق فقط.

🔧 مشهد من فيلم هوليوودي

وقعت السرقة صباح الأحد 19 أكتوبر، عندما استخدم شخصان رافعة للوصول إلى نوافذ المتحف المطلة على رصيف “فرانسوا ميتران”. وباستخدام مناشير كهربائية، كسرا إحدى النوافذ ودخلا إلى قاعة أبولون الشهيرة، حيث توجد مجموعة من المجوهرات الملكية النادرة.
في دقائق معدودة، حطما واجهتين زجاجيتين وسرقا تسع قطع من التحف والمجوهرات التاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر، بينها تاج الإمبراطورة أوجيني وزوج من الأقراط المرصعة بالزمرد والياقوت.

وقالت المدعية العامة لباريس لور بيكو إن الأضرار المقدّرة بلغت 88 مليون يورو، ووصفت الحادث بأنه “كارثة ثقافية قبل أن يكون جريمة مالية”، مؤكدة أن القطع المسروقة “لا تُقدّر بثمن”.

💎 مسروقات لا يمكن بيعها

تشير التحقيقات إلى أن العصابة استهدفت ثماني قطع رئيسية تحتوي على أكثر من 8700 ماسة وقرابة 300 حجر كريم. ورغم القيمة الهائلة، أكد خبراء أن تصريف هذه المجوهرات في الأسواق العالمية يكاد يكون مستحيلاً نظراً لتوثيقها الدقيق في سجلات المتحف.

وقال المؤرخ المتخصص في المجوهرات فانسان ميلان إن “الخطر الحقيقي يكمن في تفكيك القطع التاريخية واستخدام الأحجار في صناعة مجوهرات جديدة، ما يعني ضياع جزء من التاريخ الفرنسي إلى الأبد”.

🚨 ثغرات أمنية صادمة

كشفت التحقيقات الأولية عن ثغرات كبيرة في أنظمة المراقبة داخل المتحف، إذ تبين أن نحو 60% من قاعات جناح سولي و75% من جناح ريشيليو لا تخضع حالياً للمراقبة بالكاميرات، بحسب تقرير أولي لديوان المحاسبة الفرنسي.
كما أظهرت المعطيات أن الجناة تمكنوا من استخدام الرافعة في وضح النهار مرتدين سترات عاكسة تشبه زي العمال، دون أن يثيروا الشبهات.

وأقر وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان بأن الحادثة تمثل “فشلاً أمنياً خطيراً”، قائلاً: “تمكن المجرمون من تنفيذ عملية بهذه الدقة أمام أعين الجميع، وهذا يضر بصورة فرنسا في العالم.”

🕵️‍♂️ تحقيق مكثف وضغوط سياسية

تشارك أكثر من ستون عنصراً من فرق مكافحة الجريمة المنظمة والشرطة القضائية في التحقيق، إلى جانب المكتب المركزي لمكافحة تهريب الممتلكات الثقافية.
كما أعلن النائب ألكسندر بورتييه عن نية البرلمان فتح لجنة تحقيق خاصة لتقييم مستوى الحماية في المتاحف الفرنسية بعد سلسلة من السرقات التي طالت مؤسسات ثقافية وطنية.

في المقابل، عبّرت نقابة موظفي الثقافة عن استيائها من تكرار التحذيرات السابقة حول تدهور أنظمة الحماية، حيث قالت الموظفة إليز مولر في تصريح لـ”فرانس 24″: “نبّهنا مراراً من الأعطال في الكاميرات ونقص الحراسة، لكن لم يُتخذ أي إجراء فعلي.”

🌍 فرنسا تحت أنظار العالم

تصدرت صور الرافعة المتوقفة أمام متحف اللوفر الصفحات الأولى للصحف الدولية.
ففي حين اعتبرت صحيفة الغارديان البريطانية أن الحادث “فضيحة أمنية”، رأت صحيفة إلباييس الإسبانية أن فرنسا “فشلت في حماية تراثها الثقافي”، فيما وصفت كوريري ديلا سيرا الإيطالية العملية بأنها “طعنة جديدة لصورة فرنسا في الخارج”.

من جهته، قال الرئيس إيمانويل ماكرون في تصريح مقتضب من قصر الإليزيه:
“ما حدث في اللوفر اعتداء على روح فرنسا وتاريخها. سنستعيد هذه القطع مهما كلف الثمن، وسيمثل الجناة أمام العدالة.”

المصدر (فرانس 24 / وكالات)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى