تعليموطني

جدل واسع في الجزائر بسبب إدراج نص لبنجامين ستورا في امتحان البكالوريا: “تشويه للذاكرة أم نقاش أكاديمي؟”

الجزائر – تفجّر جدل حاد في الأوساط التعليمية والأكاديمية بالجزائر عقب إدراج مقتطف من نص للمؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا في موضوع اللغة الفرنسية لشهادة البكالوريا لدورة جوان 2025. النص المأخوذ من كتابه “الجزائر 1954: سقوط بطيء” تناول مسألة نزع ملكية الأراضي الجزائرية إبان الحقبة الاستعمارية، وهو ما اعتبره العديد من المثقفين انحرافًا عن سردية الضحايا، ومهادنة لرؤية استشراقية مخففة لفظائع الاستعمار.

قيطوني: “فضيحة تعليمية وتزوير للتاريخ”

من أبرز المنتقدين لهذا الاختيار كان المؤرخ الجزائري حسني قيطوني، الذي وصف الأمر بـ”الفضيحة”، مؤكدًا أن النص تضمن مغالطات تاريخية خطيرة، أبرزها الزعم بعدم وجود ملكية خاصة في الجزائر قبل 1830، متجاهلًا واقع أن المناطق الجبلية والواحات والمزارع الصغيرة كانت خاضعة لأنظمة ملكية موثقة، وتم انتزاعها بالقوة من طرف الإدارة الاستعمارية.

قيطوني كتب على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي:

 

“كيف يمكن في عام 2025 أن نقدّم لتلاميذنا نصًا يقوم على أطروحات خاطئة أو مثيرة للجدل عن الاستعمار؟ هذا استخفاف بمعاناة من فقدوا أراضيهم وكرامتهم.”

ستورا يرد: “دراستي امتداد لخمسين عامًا من البحث”

من جانبه، عبّر بنجامين ستورا عن تأثره بالجدل، مشددًا على أن هدفه هو نقل الذاكرة الاستعمارية إلى الأجيال الجديدة، سواء في فرنسا أو الجزائر، داعيًا إلى نقاش أكاديمي هادئ بدل الهجوم الشخصي، ومشيرًا إلى أعماله السابقة مثل سيرته عن مصالي الحاج وكتابه “حرب الجزائر بعيون جزائريين” كدليل على التزامه بالتأريخ النقدي.

ستورا قال في تصريح له:

“أنا لا أبرر الاستعمار، بل أسلط الضوء على آلياته وتحولاته. بعض القراءات تتجاهل البعد التوثيقي لدراساتي وتعتمد على النية المسبقة.”

مؤرخون: تغييب صوت الضحايا وتمييع للسردية الوطنية

يرى أكاديميون جزائريون أن الخطورة لا تكمن في النص فقط، بل في الرمزية التي يحملها إدراج نص لمؤرخ فرنسي في امتحان وطني حساس مثل البكالوريا، دون إرفاقه بسياق نقدي أو مرافقة بوجهة نظر جزائرية مقابلة.
🔴 “هل من المعقول تدريس أبناء الشهداء سردية خالية من صوت الضحية؟”، يتساءل أحد أساتذة التاريخ.

ويؤكد مختصون أن نظام الحجز العقاري أو الـSéquestre، الذي مكّن من مصادرة أكثر من 500 ألف هكتار سنة 1871 وحدها، تم تجاهله تمامًا في نص ستورا، وهو أحد أكثر الأدوات ظلمًا وتجريدًا في تاريخ الاستعمار الفرنسي.

أزمة أعمق: كيف نُدرّس الذاكرة؟

الجدل تجاوز محتوى النص ليفتح النقاش حول كيفية تدريس الذاكرة الاستعمارية في المنظومة التعليمية الجزائرية. ويخشى الباحثون من أن يؤدي اعتماد نصوص ذات رؤية مهادنة أو غربية للحقبة الاستعمارية إلى تشويش الذاكرة الجماعية للأجيال الصاعدة، مما يُضعف مناعة الوعي التاريخي ويؤسس لنوع من المصالحة السطحية مع ماضٍ دامٍ.

قيطوني: لسنا ضد ستورا.. بل ضد التهاون مع التاريخ

وفي ختام موقفه، أوضح قيطوني أن الخلاف ليس مع ستورا كشخص، بل مع الطريقة التي يُروى بها التاريخ في مؤسساتنا:

“الوفاء للذاكرة لا يكون بتبرير التقنيات الاستعمارية بل بكشف حقيقتها. تعليم التاريخ يجب أن يكون إنصافًا لمن سُلبوا أرضهم قبل أن يكون تمرينًا أدبيًا.”


🔴 هذا الجدل يعيد إلى الواجهة ضرورة مراجعة المحتوى التربوي المرتبط بتاريخ الاستعمار، وضمان أن يعكس رؤية الضحايا لا وجهة نظر الجلادين أو مؤرخين غربيين متهمين بالانتقائية.

#بكالوريا_2025
#بنجامين_ستورا
#حسني_قيطوني
#الاستعمار_الفرنسي
#الذاكرة_الوطنية
#التاريخ_الجزائري
#وزارة_التربية
#الجزائر
#الحقبة_الاستعمارية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى