
“كل الناس جوعانة”… بهذه الكلمات البسيطة والمؤلمة صرخت أم فلسطينية وسط ركام الحياة في قطاع غزة، وهي تبحث عن قطعة خبز لأطفالها الجائعين. صرخة تعكس واقعًا مريرًا يعيشه أكثر من 2.2 مليون فلسطيني تحت وطأة حصار خانق وأزمة إنسانية غير مسبوقة.
ففي مشهد بات مألوفًا على شاشات الأخبار، يقف السكان بطوابير طويلة أمام مطابخ مجتمعية، بحثًا عن وجبة تسد رمق أطفالهم، في وقت نفدت فيه المواد الغذائية الأساسية من الأسواق، وتوقفت الإمدادات الإنسانية عن الوصول بشكل منتظم.
الأطفال يموتون جوعًا
وحذرت وزارة الصحة في غزة من أن الأطفال هم الضحايا الأوائل للجوع وسوء التغذية، معلنة عن وفاة أكثر من 110 أشخاص بسبب الجوع، بينهم عشرات الأطفال، خلال الأسابيع الأخيرة.
وقالت الوزارة في بيان عاجل:
“نواجه كارثة إنسانية لا سابق لها، والمجاعة تقتل أطفالنا بصمت. ندعو المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل قبل فوات الأوان”.
ويُظهر الواقع الميداني أن الأوضاع تزداد سوءًا مع انهيار النظام الصحي، ونفاد الإمدادات الطبية، في حين تعجز العائلات عن الحصول على الحد الأدنى من الغذاء والماء النظيف.
تنديد دولي وتحذيرات من المجاعة
جاءت هذه الصرخات بعد تحذيرات أطلقتها منظمة الصحة العالمية، التي وصفت الوضع في غزة بأنه “مجاعة جماعية من صنع الإنسان”، نتيجة القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وأكدت أكثر من 100 منظمة إغاثة دولية أن سكان غزة يعيشون في ظروف “لا تصلح للحياة”، بينما تتكدس الأطنان من الغذاء والدواء خلف المعابر دون السماح بإدخالها، ما دفع الآلاف إلى الاعتماد على الأعشاب أو مياه غير صالحة للشرب.
المشهد من الداخل: معاناة يومية وصمت دولي
من داخل أحد الملاجئ المؤقتة في غزة، تقول أم محمود، وهي تحتضن طفلتها المريضة:
“لم نأكل شيئًا منذ يومين… أبحث في القمامة أحيانًا عن بقايا طعام. أطفالي ينامون وهم يبكون من شدة الجوع”.
في الأثناء، تتواصل النداءات العاجلة من المستشفيات التي استنفدت مخزونها من الحليب والأدوية، بينما تبقى المساعدات الدولية رهينة للمعابر والإجراءات الأمنية المشددة.
خاتمة
في غزة، بات الجوع أكثر فتكًا من الحرب، والمجاعة لا تفرّق بين طفل وشيخ، بين امرأة أو رجل. وصرخة: “كل الناس جوعانة” لم تعد مجرد نداء فردي، بل صرخة جماعية تطالب العالم بالتحرك.
فهل تجد هذه الصرخات صدى في ضمير الإنسانية؟ أم أن المجاعة في غزة ستبقى وصمة عار على جبين الصمت الدولي؟