
برازيليا – 24 يوليو 2025
في تطور لافت قد يزيد من تعقيد المشهد الدبلوماسي الدولي، أعلنت وزارة الخارجية البرازيلية، الأربعاء، أن البرازيل باتت قريبة من استكمال الإجراءات القانونية للانضمام رسميًا إلى دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بشأن ممارساتها في قطاع غزة.
وتأتي هذه الخطوة وسط تصاعد التوتر بين البرازيل والولايات المتحدة، خاصة بعد فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية بنسبة 50% على الواردات البرازيلية، ما أضفى بُعدًا سياسيًا واقتصاديًا إضافيًا على التحرك البرازيلي.
دعوى الإبادة الجماعية
كانت جنوب أفريقيا قد تقدمت بالدعوى عام 2023، متهمة إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، على خلفية عملياتها العسكرية في غزة، والتي وصفتها بأنها لا تستهدف فقط مقاتلي حماس، بل تشمل المدنيين، من خلال قصف المدارس والمستشفيات والمخيمات ومراكز الإيواء.
وتلقت هذه الدعوى دعمًا من عدة دول، من بينها إسبانيا، تركيا، كولومبيا، فيما تتجه البرازيل إلى أن تكون واحدة من أبرز الاقتصادات الكبرى التي تنضم للمسعى القضائي ضد إسرائيل.
موقف برازيليا: انتقاد صريح وتصعيد دبلوماسي
في بيان رسمي، اتهمت الحكومة البرازيلية إسرائيل بـ”انتهاك القانون الدولي”، بما في ذلك ضم الأراضي بالقوة، معربة عن “استيائها العميق” حيال ما وصفته بـ”العنف غير المقبول” ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
ويواصل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا نهجًا حادًا في انتقاد السياسات الإسرائيلية، خاصة منذ تصاعد المواجهات في قطاع غزة، مؤكدًا التزام بلاده بالدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان.
ردود فعل إسرائيلية
رفضت إسرائيل بشدة الاتهامات الموجهة لها، مؤكدة أن عملياتها تستهدف حركة حماس فقط، ولا تشمل المدنيين. ووصف محامو الحكومة الإسرائيلية الدعوى بأنها “تشويه لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية”.
كما أصدرت السفارة الإسرائيلية في برازيليا بيانًا نددت فيه بتصريحات الخارجية البرازيلية، ووصفتها بأنها “قاسية” وغير متوازنة، واتهمت البيان بتجاهل ما وصفته بـ”مسؤولية حماس في الأزمة الإنسانية بغزة”.
بدورها، اعتبرت الرابطة الإسرائيلية الوطنية في البرازيل أن الخطوة البرازيلية تُضعف علاقات الصداقة مع إسرائيل، محذرة من تبعات سياسية واقتصادية.
السياق الدولي
يأتي الموقف البرازيلي في وقت تعارض فيه الولايات المتحدة، بشدة، دعوى الإبادة الجماعية، حيث اتخذ كل من الرئيس السابق جو بايدن والرئيس الحالي دونالد ترامب مواقف مناهضة لها. وفي فبراير الماضي، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا بوقف المساعدات الأمريكية لجنوب أفريقيا على خلفية هذه الدعوى.
مع ذلك، نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي برازيلي أن الانضمام للدعوى “لن يؤثر على العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن”، رغم مؤشرات على تدهور تدريجي في العلاقات الثنائية.
خاتمة
تضع هذه الخطوة البرازيلية إسرائيل أمام عزلة قانونية ودبلوماسية متزايدة في الساحة الدولية، وتزيد الضغط على حكومة نتانياهو في وقت تتعاظم فيه الانتقادات الدولية إزاء الوضع الإنساني المتدهور في غزة، وتتعالى الأصوات المطالبة بمحاسبة قانونية على أعلى مستوى.