دولي

الفاشر تحت الحصار: نصف مليون مدني يواجهون الجوع والموت في شمال دارفور

الفاشر – السودان
منذ أكثر من عام، تخضع مدينة الفاشر، عاصمة إقليم شمال دارفور، لحصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، تاركة نحو 500 ألف مدني عالقين بلا غذاء أو دواء أو خدمات أساسية. ومع غياب أي ممرات آمنة وحرمان المدينة من المساعدات الإنسانية، تتفاقم الكارثة يوماً بعد يوم، وسط شهادات مروّعة من السكان عن الجوع والحرمان.

حياة على حافة المجاعة

أحد سكان الفاشر، فضّل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، وصف الوضع لفريق مراقبون في فرانس24 قائلاً:

“الناس يموتون من الجوع… اليوم لم أتناول الغداء، ليس هناك ما نأكله.”

وأشار إلى أن السكان يعتمدون على مواد بدائية للبقاء على قيد الحياة، مثل العمبز – بقايا الفول السوداني المخصصة أصلاً كعلف للحيوانات – بعد نفاد الغذاء من الأسواق. حتى هذه المادة شهدت ارتفاعًا كبيرًا في السعر، في ظل غلاء غير مسبوق طال كل المواد الأساسية، إذ بات سعر كيلو اللحم يتراوح بين 4 و7 مليارات جنيه سوداني (1200–2100 يورو).

مطابخ أهلية تحت الضغط

في مواجهة هذا الوضع، يحاول ناشطون ومتطوعون، مثل محمد الروفي، الإبقاء على عمل مطابخ أهلية تقدم وجبة واحدة يومياً للسكان، بعد أن كانت تقدم ثلاث وجبات في بداية الأزمة. ومع ندرة المواد الغذائية، تحولت قوائم الطعام إلى الحبوب المحلية مثل الدخن والقصب، التي بدأت هي الأخرى تنفد.

الروفي أكد أن سوء التغذية الحاد بات منتشراً، خاصة بين الأطفال، حيث ظهرت حالات من مرض كواشيوركور المرتبط بنقص البروتين، مسبباً تورمات وتغيرات جلدية خطيرة.

كارثة إنسانية مغلقة على العالم

مدير منظمة Darfur Victims Support، آدم موسى أوباما، حذّر من أن الفاشر “متوقفة تماماً”، فلا توجد وسائل نقل، ولا إمدادات، ولا إمكانية للهروب. حتى إذا توفرت الأموال، “لا يوجد شيء لشرائه في السوق”.

وبحسب برنامج الغذاء العالمي، لم تصل أي مساعدات إلى المدينة منذ أكثر من عام. وعلى الرغم من موافقة السلطات السودانية في مطلع أغسطس على دخول قافلة إنسانية، فإن قوات الدعم السريع منعت عبورها حتى الآن، تاركة 45 شاحنة مساعدات عالقة في منطقة تينا.

خطر الانهيار الكامل

أوباما حذر من أن “كل سكان الفاشر في خطر محدق”، متوقعًا نفاد الغذاء تماماً خلال أسابيع، وداعياً إلى وقف المعارك والسماح بدخول المساعدات فوراً، إضافة إلى استئناف دفع رواتب الموظفين المتوقفة منذ أشهر.

أزمة ممتدة تتجاوز الفاشر

الأمم المتحدة تشير إلى أن 25 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي، منهم 5 ملايين في وضع إنساني طارئ. وفي شمال دارفور وحده، تؤكد منظمة اليونيسيف وجود 40 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، مع تضاعف الحالات خلال الأشهر الأولى من عام 2025.

في ظل هذا الحصار الطويل، يعيش سكان الفاشر على أمل ضعيف في أن ينجح المجتمع الدولي في كسر العزلة التي تحوّل مدينتهم إلى سجن جماعي مفتوح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك رداً على jzffwjpmwf إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى