
بقلم الصحفي منير قوعيش
في ذكرى مجزرة عين أدان.. دماء المعلّمات أزهار خالدة على تراب الوطن
التاريخ لا يرحم.. ففي مثل هذا اليوم، 27 سبتمبر 1997، توقفت عقارب الزمن عند جريمة بشعة ارتكبها الإرهاب الأعمى، حين نصب المجرم بحري الجيلالي الملقب بـ “الذيب الجيعان” حاجزًا مزيفًا في دائرة سفيرف بولاية سيدي بلعباس، ليغتال غدرًا 11 نفسًا بريئة من معلمات وموظفين خرجوا يحملون رسالة العلم والنور.
لم ترحم السكاكين بطون الحوامل، ولا قلوب الأمهات، ولا دموع التوسل. بل سقط الجميع شهداء بوحشية لم يعرفها التاريخ إلا في أزمنة الظلام. إحدى الشهيدات كانت قد جلبت قبل يوم فقط أدوات مدرسية لتلميذ من أبناء الإرهابيين، في أسمى صور التضحية والرحمة، لكن حتى هذا النبل لم يشفع لها أمام حقد القتلة.
ذلك اليوم، اسودّت السماء وغرقت الأرض بمطر غزير، وكأن الطبيعة نفسها بكت على الأرواح البريئة. لقد كان يومًا فارقًا، لم يكن اغتيالًا لأشخاص فقط، بل محاولة لاغتيال العلم، ولإطفاء نور المعرفة في عيون الأطفال.
غير أن دماء المعلّمات لم تذهب سدى.. فهي اليوم تنبض في ذاكرة الوطن، تذكّر الأجيال أن الجزائر دُفعت غاليًا نحو الأمن والاستقرار، وأن شهداء العلم باقون خالدون كأزهار حمراء تنبت على تراب الوطن كلما حاول الظلام أن يتمدد.
رحم الله شهداء عين أدان، وأسكنهم فسيح جناته، وأبقى ذكراهم منارة للأحياء، ودليلًا على أن الجزائر لا تنحني، وأن نور العلم أقوى من رصاص الغدر وسكاكين الحقد.