دولي

من السجون إلى المنفى: أسرى فلسطينيون محرَّرون يعيشون في غموض داخل القاهرة


بعد سنوات طويلة خلف قضبان السجون الإسرائيلية، وجد نحو 145 أسيراً فلسطينياً أنفسهم في منفى قسري داخل أحد فنادق العاصمة المصرية القاهرة، بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة تبادل تمت بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر الجاري، مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.

ورغم أن الإفراج كان يفترض أن يفتح صفحة جديدة في حياتهم، إلا أن هؤلاء الأسرى يعيشون اليوم تحت رقابة أمنية مشددة، دون أوراق ثبوتية أو حرية تنقل، وسط غموض يلف مصيرهم القادم.

🔹 من الحرية إلى العزلة

يقول الأسير المحرر مراد أبو الرُب (49 عاماً)، الذي أمضى عشرين عاماً في السجون الإسرائيلية، إن مشاعر الفرح بالحرية سرعان ما تبددت:

“حُرِمت من أهلي لعشرين عاماً، والآن لم يتغيّر شيء. لا أستطيع رؤية أمي ولا إخوتي.”

ويضيف أبو الرُب أن عناصر من حركة حماس أبلغوا المبعدين بأن “أي دولة عربية لا ترغب في استقبالهم”، ما جعلهم يعيشون في حالة من الضياع النفسي والقلق المستمر.

🔹 إقامة تحت الرقابة

يقيم الأسرى في فندق بالقاهرة منذ منتصف أكتوبر، حيث يُمنع خروجهم إلا بموافقات أمنية مسبقة. ويشاركهم الفندق أكثر من 100 أسير آخر أُبعدوا في صفقة تبادل سابقة في يناير الماضي، ما يرفع عدد المبعدين إلى نحو 250 شخصاً.

ووفقاً لمصادر نادي الأسير الفلسطيني، تتكفّل قطر بتغطية نفقات إقامتهم مؤقتاً، إلى حين التوصل إلى اتفاق بشأن الدولة التي ستستقبلهم، مشيرةً إلى أن قطر وتركيا وباكستان وماليزيا من بين الدول المرشحة لذلك.

🔹 “تحررنا… ولكن”

الأسير كميل أبو حنيش، الذي أمضى 22 عاماً خلف القضبان بتهمة تأسيس “كتائب أبو علي مصطفى” التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وصف انتقاله من السجن إلى القاهرة بأنه “عبور بين عالمين: من الموت إلى الحياة”، لكنه أقرّ بأن الحرية التي يعيشها الآن ناقصة ومؤقتة.

أما محمود العارضة، الذي اشتهر بفراره من سجن جلبوع عام 2021 عبر نفق حفروه بملاعق الطعام، فقال من غرفته في الفندق:

“تلقينا من الأذى في العامين الماضيين ما لم نتلقّه خلال ثلاثين عاماً من الاعتقال.”

🔹 واقع غامض ومستقبل مجهول

يشير الخبير في شؤون الأسرى حسن عبد ربه إلى أن وضع المبعدين معقّد ولم يُحسم بعد، مؤكداً أنهم “ضيوف مؤقتون في مصر” إلى حين الاتفاق على وجهتهم النهائية.

ويضيف:

“المفارقة أنهم خرجوا من السجن إلى منفى، يعيشون فيه بين جدران فندق فاخر، لكنهم بلا هوية ولا وطن.”

🔹 أمل ناقص وحرية مؤجلة

رغم المرارة التي يعيشها هؤلاء الأسرى، إلا أن معظمهم يفضلون هذا الوضع على سنوات الاعتقال القاسية التي مرّوا بها. ويختم كميل أبو حنيش حديثه قائلاً:

“نحن نعيش حالة من عدم اليقين، لكن أياً كانت وجهتنا القادمة، فهي أفضل ألف مرة من السجن.”

وبين قيود الماضي وغموض المستقبل، يبقى هؤلاء الأسرى المحررون عالقين في منطقة رمادية، لا هي حرية كاملة ولا هي سجن فعلي، في انتظار أن يحسم العالم مصيرهم المعلّق بين الوطن والمنفى.

المصدر فرانس24 وكالات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى