توقع خبراء وضباط متقاعدون من القوات الجوية الأميركية، أن يكون الجيل القادم من الطائرات المقاتلة أسرع، وأوسع مدى وأكبر قدرة على اختراق المجال الجوي للعدو، فضلاً عن احتمالية تزويده بنوع جديد ثوري من المحركات.
وشهد عالم الطيران 5 أجيال من المقاتلات، بدءاً من الطائرة أقل من سرعة الصوت F-86 Sabre بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى المقاتلة الشبحية F-35 Joint Strike Fighter الحالية.
وتعمل الجيوش في جميع أنحاء العالم على طائرات ترى أنها تمثل قفزات تكنولوجية كبيرة بما يكفي لتصنيفها كطائرات من الجيل السادس، بحسب موقع Defense News المتخصص في شؤون الدفاع.
ونقل الموقع عن الفريق المتقاعد في القوات الجوية الأميركية، كلينت هينوت، قوله إنه بينما لم يتم تحديد التعريف الدقيق للطائرة من الجيل السادس بشكل نهائي بعد، إلا أن الخبراء يتفقون على بعض السمات المشتركة.
وتُعرف جهود القوات الجوية الأميركية لبناء عائلة من أنظمة مقاتلات الجيل السادس باسم الهيمنة الجوية للجيل القادم- NGAD، وتوقع هينوت، الذي كان نائباً لرئيس أركان القوات الجوية لشؤون الاستراتيجية والتكامل والمتطلبات، أن تكون طائرة الجيل السادس سريعة، وتحلق عالياً ولمسافات طويلة، فضلاً عن تميزها بقدرات شبحية، ليس فقط في تردد الرادار، ولكن أيضاً في طيف الأشعة تحت الحمراء.
وقالت الطيار المتقاعد، هيذر بيني، التي قادت مقاتلات F-16، وهي أيضا زميلة في معهد ميتشل لدراسات الفضاء، إن السرعة والتخفي والمدى ستكون من بين العناصر الأكثر أهمية في مقاتلة الجيل السادس، خاصة إذا لزم الأمر عبور مسافات طويلة في المحيط الهادئ، والدخول إلى المجال الجوي الذي تسيطر عليه الصين.
وأضافت بيني، أن المدى والقدرة على الاختراق سيكونان حاسمين للغاية بالنسبة للطائرات من الجيل السادس، خاصة عندما يتم النظر إلى مسرح المحيط الهادئ، والصين باعتبارهما التهديد الأساسي أمام الولايات المتحدة.
وقال هينوت إن طائرات الجيل الخامس مثل F-22، وF-35 تم تصميمها في وقت كان فيه الجيش الأميركي لا يزال لديه عقلية تركز على أوروبا، وحلف شمال الأطلسي.
وأضاف، أنه تم تطوير متطلبات F-35 بشكل أساسي بعد الحرب الباردة مباشرة، لافتاً إلى أنها مقاتلة قصيرة المدى، وهو أمر منطقي في حلف شمال الأطلسي، حيث تمتلك واشنطن مئات المدرجات في كل مكان للعمل منها.
وأشار هينوت، إلى أن المدى القصير لا مكان له في المحيط الهادئ، حيث الوضع مختلف كثيراً، ويوجد لدى الولايات المتحدة عدد قليل من المدرجات للعمل منها، موضحاً أنه يجب أن تكون الطائرة قادرة على التواصل دون الكشف عن موقعها، وتكون قادرة على حمل حمولات أكبر من تلك التي تحملها طائرات الجيل الخامس حاليا.
وأضاف أن هذا يسمح لطائرة الجيل السادس بالوصول إلى موقع في ساحة المعركة، والمجال الجوي حيث يمكن فرض الهيمنة من خلال استخدام القوة، إذا لزم الأمر.
وأكدت بيني أن القدرة على صيانة الطائرة دون إتلاف طلائها ستكون أمراً بالغ الأهمية، موضحة أن الإصدارات المبكرة من تقنية التخفي على طائرات مثل F-117A Nighthawk وقاذفة القنابل B-2 Spirit كانت حساسة وصعبة الصيانة.
قدرات التخفي
وأشارت بيني إلى أن قدرات التخفي حققت قفزات كبيرة إلى الأمام على مر السنين لتصبح أكثر عملية وموثوقية، وتحتاج قدرات التخفي لدى مقاتلة الجيل السادس إلى خطوة أخرى إلى الأمام، حتى تكون قابلة للصيانة وتوفر أداءً أفضل.
واتفق هينوت وبيني على أن الجيل القادم من الطائرات يجب أن يستوعب كميات كبيرة من البيانات التفصيلية، ويدمجها بطريقة تنظم ساحة المعركة.
وشددت بيني على ضرورة أن تكون الطائرات من الجيل السادس قادرة على امتلاك تلك المستشعرات المتقدمة، ليس فقط للأمام، وإنما للجانب والخلف أيضاً، والنظر عبر ظواهر متعددة، مثل الرادار والأشعة تحت الحمراء والترددات الأخرى.
وتريد القوات الجوية أن تتعاون طائرات NGAD مع الطائرات المسيرة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والمعروفة باسم طائرات القتال التعاونية، أو CCA، كجزء من مفهوم “عائلة الأنظمة”، والتي تستطيع تنفيذ مهام هجومية، وتشويش رادارات العدو، وإجراء الاستطلاع، أو حتى العمل كطُعم.
وخططت القوات الجوية الأميركية، حتى الآن، لامتلاك نوع جديد من أنظمة الدفع المعروفة باسم المحرك التكيفي، والذي يمكنه التحول إلى تكوينات مختلفة وأكثر كفاءة اعتماداً على موقف الطيران.
وتعمل كل من شركة Pratt & Whitney، وشركة General Electric Aerospace على تطوير محركاتهما التكيفية الخاصة، كجزء من برنامج الدفع التكيفي من الجيل التالي.
ومن المتوقع أن يكون المحرك المتكيف مكلفاً للغاية، ومع ضغوط الميزانية الخطيرة التي دفعت القوات الجوية الأميركية إلى إعادة النظر في خططها وتصميماتها الخاصة بمحرك NGAD، تدرس القوات الجوية ما إذا كانت ستخفض حجم محركها لخفض سعر المحرك.
وقال وزير القوات الجوية الأميركية، فرانك كيندال، في مقابلة، مع Defense News، في يونيو، إن محرك NGAD يجب أن يكون أصغر وأقل تعقيداً، وهو أحد الخيارات قيد الدراسة.
وأكد هينوت أن تحسين القدرة على القتال الجوي ربما لا يكون ضمن قائمة الرغبات بالنسبة لمقاتلات الجيل السادس، موضحاً أن الطائرة F-22 قادرة على تحقيق زاوية هجوم عالية بطرق غير مسبوقة، والأمر نفسه ينطبق على طائرة Su-57 الروسية، وهي ميزة لا أهمية كبيرة لها في فرض التفوق الجوي في المحيط الهادئ.
ولا تحتفظ وزارة الدفاع الأميركية، بتصنيف صارم لأجيال الطائرات، ولكن في عام 2017، حاول متحدث باسم قاعدة لانجلي يوستيس المشتركة في فرجينيا تعديل هذا التصنيف.
وقال جيفري هود من مكتب الشؤون العامة لجناح القاعدة الجوية 633 إن الجيل الأول من الطائرات المقاتلة التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية استفاد من تكنولوجيا الطائرات النفاثة الجديدة والأجنحة المكنسة، على عكس الأجنحة العمودية التي كانت قياسية في السابق.
أول طائرة من الجيل السادس
وفي دراسة أجريت عام 2016 ونشرها معهد ميتشل لدراسات الفضاء الجوي، قال الجنرال المتقاعد جيف هاريجيان، إن المقاتلات من الجيل الخامس مثل F-22، وF-35 تتميز بقدرات التخفي والدفاع عن النفس المحسّنة والاستشعار والتشويش، والإلكترونيات المتكاملة، وأكثر من ذلك.
وبناءً على وجهة نظر بعض الخبراء، يمكن اعتبار أول طائرة من الجيل السادس بدأت في التحليق بالفعل، فيما أعلنت شركة Northrop Grumman عن قاذفتها B-21 Raider باعتبارها أول طائرة من الجيل السادس.
وقال مسؤول من شركة Northrop في مقابلة مع Defense News، قبل إطلاق B-21 في عام 2022، إن قدرة القاذفة على التخفي المتطورة، واستخدام بنية الأنظمة المفتوحة، واستخدام تقنيات الشبكات وتبادل البيانات المتقدمة لتوصيل أجهزة الاستشعار بالقاذفات عبر مجالات متعددة تجعلها “أولى أنظمة الجيل السادس”.
وقالت بيني إن هذه القدرات ربما تكون كافية لتصنيف طائرة B-21 كطائرة من الجيل السادس، على الرغم من أن مستوياتها العالية من التصنيف تجعل من الصعب على المراقبين الخارجيين قياس ما إذا كانت ترقى إلى مستوى التوقعات.
وينظر هينوت إلى ما ذكرته Northrop بنوع من الشك ويعتقد أنها مجرد زاوية تسويقية، لكنه يلاحظ أن هذه التعريفات الجيلية هي في الغالب مسألة رأي.
المصدر الشرق