سياسةوطني

“لا تذهب يا رئيس”.. هاشتاغ جزائري يشعل مواقع التواصل والتلفزيون العمومي يعلّق: “دليل على الالتفاف الشعبي”

الجزائر – في مشهد غير مألوف يعكس خصوصية العلاقة بين الشعب ورئيسه، تصدّر هاشتاغ جزائري يطالب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بعدم المشاركة في القمة العربية المرتقبة بالعراق، منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة، محققًا نسب تداول غير مسبوقة، وسط تفاعل واسع من رواد الإنترنت في الداخل والخارج.

اللافت في هذه الحملة الإلكترونية أنها لم تكن تعبيرًا عن موقف سياسي تقليدي، ولا احتجاجًا على مشاركة الجزائر في حدث عربي هام، بل جاءت — كما وصفها التلفزيون العمومي — على شكل هبّة شعبية عفوية عبّرت عن حرص واهتمام الجزائريين بأمن وسلامة رئيس البلاد، في ظل ما تشهده المنطقة من ظروف إقليمية حساسة ومعقدة.

تفسير رسمي: “الهاشتاغ لا يعكس الرفض بل يعكس الالتفاف”

وفي رده على هذه الحملة، سارع التلفزيون العمومي الجزائري إلى تقديم قراءة رسمية ودقيقة لطبيعة هذا التفاعل الشعبي، مؤكدًا أن الهاشتاغ لا يعكس رفضًا جماهيريًا لمشاركة الجزائر في القمة العربية، بل يعكس الالتفاف الشعبي القوي حول الرئيس تبون، والدعم الثابت لمواقفه داخليًا وخارجيًا.

واعتبرت المؤسسة الإعلامية الرسمية أن “الهاشتاغ هو برهان واضح عن ثقة الشعب في رئيسه ووقوفه إلى جانبه، في وقت تعاني فيه العديد من القيادات السياسية في العالم من تراجع في شعبية قراراتها واتساع الهوة بينها وبين شعوبها”.

مكانة خاصة للشعب العراقي

في خضم هذا الجدل، حرص التلفزيون العمومي أيضًا على التأكيد أن هذا التفاعل لا يحمل أي دلالات سلبية تجاه العراق، بل عبّر عن مكانة خاصة يكنها الشعب الجزائري للشعب العراقي الشقيق، الذي تجمعه بالجزائر روابط تاريخية وسياسية متجذّرة، وشعور دائم بالمصير العربي المشترك.

وبالتالي، فإن الرسائل المشفّرة وراء هذا التفاعل الشعبي تؤكد من جهة الحرص على الرئيس، ومن جهة أخرى التمسك بوحدة الصف العربي والدعم المتبادل بين الشعوب، بعيدًا عن أي تأويلات مغرضة أو قراءة سطحية لما يجري على منصات التواصل.

وسائل التواصل… ساحة جديدة للتعبير الشعبي

هذا التفاعل غير المسبوق يفتح الباب واسعًا أمام قراءة جديدة للدور الذي باتت تلعبه منصات التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام، وفي التعبير عن المواقف الوطنية، بشكل فوري وعفوي، بعيدًا عن الوسائط التقليدية. لقد تحوّلت هذه المنصات إلى منبر حر يختزل نبض الشارع، ويمنح المواطن أداة للتأثير في القرار السياسي، أو على الأقل للتفاعل معه.

ويرى مراقبون أن هذه الحملة قد تمثل مؤشرًا على ثقة متزايدة في القيادة السياسية، لكنها في الوقت ذاته تعكس قلقًا شعبيًا مشروعًا إزاء السياق الأمني الإقليمي، وخاصة في ظل استمرار بؤر التوتر في بعض الدول العربية، وتحوّل القمم واللقاءات أحيانًا إلى أهداف رمزية لبعض القوى الفاعلة في المنطقة.

بين التحليل والواقع.. علاقة الرئيس بشعبه في واجهة النقاش

في عالم يفقد فيه كثير من القادة شرعية الشارع، شكّل هذا التفاعل الجزائري حالة نادرة من التماهي بين الحاكم والمحكوم، حيث لم يكن النداء “لا تذهب يا رئيس” نابعًا من معارضة سياسية، بل من إحساس شعبي بالتقدير، ومن رغبة في حماية رأس الدولة، ومشاركة وجدانية لقراراته وتحركاته.

ومهما كانت القراءة السياسية أو الدبلوماسية لهذه الحملة، فإنها تسجّل نقطة لصالح علاقة الثقة المتبادلة بين الرئيس تبون وجزء واسع من الشعب، وتمنح صورة مشرقة لواقع سياسي عربي غالبًا ما تتسم فيه العلاقة بين القادة والمواطنين بالتوتر أو التباعد.


 عندما يصبح القائد “قضية شعبية”

ما حدث على مواقع التواصل في الجزائر لا يُقرأ كحراك افتراضي عابر، بل يُحلَّل كرسالة واضحة بأن الجزائريين باتوا طرفًا فاعلًا في النقاش الوطني والدولي، وأن رئيسهم لم يعد مجرّد ممثل للدولة، بل قضية وجدانية يتفاعلون معها بحُب وخوف وحرص.

فهل سيأخذ صانع القرار هذه الرسائل في الحسبان عند رسم أجندته الدولية؟ وهل ستشكل هذه الحملة سابقةً في التعامل بين الشعوب وقادتها في العالم العربي؟

الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.  ش ع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى