أخبار التكنولوجيادولي

حرب ترامب التجارية: تداعيات اقتصادية عالمية والتحولات الجيوسياسية

فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية جديدة على العديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، حيث ستصل الرسوم إلى 25% على المنتجات المستوردة من كندا والمكسيك، بينما ستفرض على السلع الواردة من الصين نسبة 10% بالإضافة إلى الرسوم الجمركية السابقة. في رد فعل سريع، سارعت هذه الدول الثلاث بالتعبير عن رفضها لهذه الخطوة، ما ينذر بتصاعد حدة النزاع التجاري في الفترة المقبلة.

اتحاد أوروبي يرد بتحذيرات قوية وفي خطوة مشابهة، حذر الاتحاد الأوروبي الأحد من أي إجراءات تهدف إلى فرض رسوم جمركية على الواردات من دول الاتحاد، معربًا عن “أسفه العميق” إزاء قرارات ترامب. ووصفت الدول الأوروبية هذه القرارات بأنها “مؤذية لكل الأطراف”، محذرة من العواقب الاقتصادية التي قد تترتب على التصعيد المستمر في النزاع التجاري.

التداعيات الاقتصادية: هل ستحقق أهداف ترامب؟ في حوار مع الخبير الاقتصادي دانيال ملحم، أشار إلى أن فرض رسوم جمركية على دول مثل الصين وكندا والمكسيك يعكس استراتيجية تهدف إلى حماية بعض القطاعات الأمريكية التي تعاني من أزمات اقتصادية. ولكن، كما يضيف ملحم، فإن هذه الحرب التجارية قد تضر بالنمو الاقتصادي وسوق العمل على المدى الطويل. “هذه الرسوم ستؤدي إلى رفع معدلات التضخم، وهو ما سيؤثر سلباً على سوق العمل، وسيشكل عبئاً إضافياً على الاقتصاد الأمريكي”، وفقًا للخبير الاقتصادي.

وبخصوص أوروبا، اعتبر ملحم أن الهدف الحقيقي من هذه الرسوم قد يكون بعيدًا عن تحقيق التوازن في الميزان التجاري مع الدول الأوروبية. “ترامب قد يكون يسعى إلى تقليل الضغط الذي تواجهه الشركات الأمريكية في القارة الأوروبية، وبالتحديد شركات التكنولوجيا التي تعاني من قضايا قانونية”، يقول ملحم.

دور الصين في إعادة تشكيل التحالفات التجارية القرار الأمريكي الأخير قد يعزز من دور الصين كمستفيد رئيسي من التحولات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب التجارية. دول مثل كندا والمكسيك، بل والاتحاد الأوروبي، قد تجد نفسها مضطرة للبحث عن أسواق بديلة، وهو ما سيوفر للصين فرصة لتوسيع حصتها السوقية في هذه البلدان.

كما أضاف ملحم أنه “من المحتمل أن تدفع هذه الحرب التجارية دول الشمال إلى أحضان الصين، وهو ما يعيد ترتيب الأوراق في الاقتصاد العالمي”. هذه الديناميكيات قد تؤدي إلى “إعادة توزيع الثروة” بين الدول المتقدمة والدول النامية، مما يعكس تحولًا جوهريًا في سياسات التجارة العالمية.

من الخاسر الأكبر؟ بالنسبة للخسائر المتوقعة جراء هذه الحرب التجارية، أشار ملحم إلى أن التقديرات تشير إلى أن جميع الأطراف ستعاني. “من المتوقع أن تخسر أوروبا 1.6% من ناتجها القومي، فيما قد تخسر الولايات المتحدة والصين 1.4%، وكندا 2.6% والمكسيك 3%”، يقول ملحم. كما يتوقع أن يرتفع التضخم في الولايات المتحدة بنسبة 0.7%، مما سيدفع أسعار الفائدة للارتفاع، وبالتالي يهدد النشاط الاقتصادي الأمريكي.

الهدف الشخصي لترامب؟ الخبير الاقتصادي يرى أن هناك هدفًا شخصيًا قد يخفى وراء هذه الحرب التجارية. “ترامب قد يكون مدفوعًا بأجندة خاصة تخدم مصالح شركات التكنولوجيا الأمريكية، وهو ما يعتبر جزءًا من دعم قاعدة ناخبيه التي تركز بشكل كبير على هذا القطاع”. كما أكد ملحم أن دوائر المال، وبالأخص لوبي شركات التكنولوجيا، قد يكون له دور كبير في صياغة السياسات التجارية الأمريكية، في إشارة إلى تصريحات سابقة للخبير الاقتصادي جوزيف ستيغليتز.

خلاصة الحرب التجارية التي يشنها ترامب على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة لن تكون بلا عواقب. في حين قد يحقق الرئيس الأمريكي بعض المكاسب الاقتصادية في المدى القصير، فإن التداعيات على الاقتصاد الأمريكي والعالمي قد تكون سلبية على المدى الطويل. هذا التصعيد قد يدفع الدول المتضررة للبحث عن تحالفات جديدة، ما قد يساهم في إعادة تشكيل خريطة التجارة العالمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى