
الجزائر – شهدت محكمة بئر مراد رايس بالجزائر العاصمة الأسبوع الماضي إحدى القضايا المثيرة التي طالت أعلى دوائر السلطة، حيث مثل محمد بوعكاز، المستشار السابق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمام هيئة المحكمة بتهم تتعلق بالإثراء غير المشروع، إساءة استخدام المنصب، وتلقي هدايا ثمينة على شكل ساعات “رولكس”، يُزعم أنه قام بإعادة بيعها.
🏛️ من المستشارية إلى قفص الاتهام
وكان رئيس الجمهورية قد أنهى في جوان 2024 مهام بوعكاز، الذي كان يشغل منصب مدير عام للتشريفات بالرئاسة، وذلك عقب “أخطاء جسيمة” صنّفت على أنها مخالفة لأخلاقيات المهنة.
وفي 11 أكتوبر 2024، أودِع المعني رهن الحبس المؤقت بسجن الحراش، ليُحال لاحقًا إلى المحاكمة الجنائية التي جرت يوم الأربعاء المنصرم.
⚖️ النيابة تلتمس 10 سنوات سجنا نافذا
خلال جلسة المحاكمة، التمست النيابة العامة عقوبة عشر (10) سنوات سجنا نافذا بحق محمد بوعكاز، إلى جانب غرامة مالية ومصادرة ممتلكاته محل الشبهة. وجاء ذلك بناءً على تحقيقات تخصّ أصولًا تم اقتناؤها بين عامي 2012 و2018، وسوء استغلال لمنصبه كأحد أرفع المستشارين في مؤسسة الرئاسة.
🗣️ المتهم يدافع: “أنا بريء… ورطوني في هذه القضية!”
في مرافعته أمام القاضي، نفى بوعكاز التهم الموجهة إليه، معبرًا عن “صدمته الكبيرة” من مجريات القضية، ومشددا على أنه خضع لتحقيقات من أعلى الأجهزة الأمنية والرقابية في البلاد دون أن تثبت عليه أية تجاوزات.
“لقد عملت 12 سنة في مناصب عليا، وأصبت بورم دماغي خلال فترة خدمتي بسبب ضغط العمل. كيف لي أن أرتكب تجاوزات؟ لقد ضحيت كثيرًا في سبيل الوطن”، قال بوعكاز بتأثر.
وبخصوص الساعات باهظة الثمن التي تلقاها كـ”هدايا رسمية”، أكد أنه لم يكن على علم بوجود مخالفة قانونية في تلقيها، مشيرا إلى أنه وقع على تقارير الجلسة “تحت الضغط وفي ساعات متأخرة من الليل”.
خلفيات: من قمة الجامعة العربية إلى قفص المحكمة
بوعكاز، خريج المدرسة الوطنية للإدارة، شغل مناصب سامية لسنوات طويلة، كان أبرزها تنظيم فعاليات وطنية ودولية كبرى، على غرار قمة الجامعة العربية في 2023 وقمة الدول المصدرة للغاز في 2024، إلا أن مسيرته انتهت على وقع اتهامات ثقيلة تهزّ صورة مؤسسة الرئاسة وتطرح تساؤلات حول آليات الرقابة والمحاسبة داخل دواليب الدولة.
قضية محمد بوعكاز لا تمثل فقط سقوط مسؤول سامي في قبضة العدالة، بل تعكس أيضًا توجهًا واضحًا نحو محاسبة كل من يسيء استخدام السلطة، أياً كانت مرتبته. ومع انتظار النطق بالحكم، تبقى أنظار الرأي العام معلّقة على مدى جدية الدولة في ملاحقة الفساد داخل مؤسساتها العليا. ش ع